مدّعو السفارة أو الوكالة كذباً و زوراً
الشيخ محمد علي الدكسن
من أعاجيب الدهر أن عدداً من أصحاب الإمام الهادي والعسكري عليهما السلام, اختاروا لأنفسهم سوء العاقبة, والانحراف عن الطريق المستقيم, بالرغم من سوابقهم المشّرفة, وكثرة تشرّفهم بلقاء الإمامين العسكريين عليهما السلام, وشدة إتصالهم بهما واستماعهم إلى احاديثهما, حتى انَّ بعضهم ألف كتاباً سجل فيه الأحاديث التي سمعها من أحد الإمامين عليهما السلام أو منهما.
ولا نعرف لانحرافهم سبباً سوى تأمين المصالح الشخصية, والطمع في الأموال, وهي الحقوق الشرعية التي كان الشيعة تدفعها الى نواب الامام المهدي عليه السلام وحب الرئاسة والشهرة, ثم الحُكم - من ورائها- على جميع مرافق الشيعة, واتباع الهوى الذي يصدّ عن الحق.
وكانت عاقبة أمرهم أنْ شملتهم اللعنة من الإمام المهدي عليه السلام, تلك اللعنة التي ترتعد منها الفرائص وترتجف منها القلوب!
ومن الطبيعي أنّ أولئك الكذّابين قد كونّوا مشاكل عقائدية واجتماعية في المجتمع الشيعي, بالإضافة الى أنهم اشغلوا افكار النواب الحقيقيين,لأن المنحرف عقائدياً إذا ادعى الوكالة أو النيابة عن الإمام المهدي عليه السلام سيكون سبباً لتشويه خط الامام أولاً, ومنافساً للنائب الحقيقي ثانياً.
هذه مشكلة لابد من الإشارة إليها ولا يصح السكوت عنها, ولابد من تدارك الأمر وكشف الحقيقة, ورفع النقاب عن الواقع وفضح المدعي الكاذب.
واليكم أحبتي شيئاً من التفصيل في ذلك:
١- أبو محمد الحسن الشريعي: كان من أصحاب الإمامين: الهادي والعسكري عليهما السلام أدعى أنه سفير الامام الحجة المهدي عليه السلام كذباً و زوراً على الله تعالى ونسب الى الأئمة الطاهرين أشياء لا تليق بهم, ثم ظهر منه الكفر والإلحاد, وخرج التوقيع من مولانا صاحب الزمان عليه السلام على يد النائب الثالث الحسين بن روح رضي الله عنه بلعنه والبراءة منه, فلعنته الشيعة وتبرأت منه.
٢- محمد بن نصير النميري: كان من أصحاب الامام العسكري عليه السلام فلما توفي الامام عليه السلام ادعى النميري كذباً وزوراً, انه سفير الامام المهدي عليه السلام ونائبه ولكن الله تعالى فضحه, حينما ظهرت منه عقيدة الإلحاد فلعنه النائب الثاني محمد بن عثمان رضي الله عنه, وتبرأ منه.
وكان اللعين يقول بربوبية الإمامين: الهادي والعسكري عليهما السلام ويدّعي أنه نبي مُرسل من عند الإمام المهدي عليه السلام, وكان يقول بالتناسخ ويفتي بإباحة نكاح المحارم واللواط.
٣- أحمد بن هلال العبرتائي: ينسب الى (عبرتا) وهي قرية كبيرة كانت في ضواحي النهروان, بين بغداد و واسط.
قيل كان من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام
وقيل كان من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام
وعلى كل حال والرجل مشهور ملعون مغالٍ, كان في بداية أمره من ثقاة الامام العسكري عليه السلام وخواصه ومن المحدثين عن الائمة عليهم السلام, حج أربعاً وخمسين حجة, عشرين منها على قدميه, ولكنه أنحرف.
حتى ورد فيه من الامام الحسن العسكري عليه السلام ذمٌ كثير, وقد صدر في شأنه: إحذر الصوفي المتصنع. (المتظاهر) ولا نعلم بالضبط ان هذا التوقيع الذي صدر بحقه من الامام العسكري أو ولده الامام المهدي عليهما السلام.
عاش الى أيام النائب الثاني محمد بن عثمان رضي الله عنه فصار ينكر نيابته عن الامام المهدي عليه السلام ويصر على ذلك, فورد التوقيع من الامام المهدي عليه السلام بلعنه والبراءة منه,فانقلب الرجل ناصبياً معادياً, فلعنته الشيعة وتبرأت منه.
وبعدها صدر توقيع آخر من ناحية الامام المهدي عليه السلام يزيد في ذمه و البراءة منه.
السبب في ذلك أن أحد الشيعة أنكر ما ورد في ذمه, فطلبوا من القاسم بن العلا وهو من وكلاء ا لامام, أن يكتب الى الامام ويتأكد من صحة خبر انحرافه.
فجاء الجواب من ناحية الامام عليه السلام يقول: (... قد كان أمرنا نفذ اليك في المتصنع ابن هلال (لا رحمه الله) بما قد علمت ولم يزل لا غفر الله له ذنبه ولا أقاله عثرته يداخل في أمرنا بلا اذن منا ولا رضا, يستبد برأيه...لا يمضي من أمرنا إياه الا بما يهواه ويريده, أرداه الله في نار جهنم.
فصبرنا عليه -حتى بتر الله- بدعوتنا عمره (أي قطع عمره) وكنا قد عرفنا خبره قوماً من موالينا في أيامه (لا رحمه الله) وأمرننا بإلقاء ذلك الى الخاص من موالينا, ونحن نبرأ الى الله من ابن هلال (لا رحمه الله) وممن لا يبرأ منه.
وهناك توقيع ثالث صدر بحقه من الامام عليه السلام في ذمه.
٤- محمد بن علي بن بلال: كان ثقة معتمداً عند الامام العسكري عليه السلام ولكنه انحرف بعد ذلك وأدعى انه وكيل الامام المهدي عليه السلام وأنكر نيابة النائب الثاني محمد بن عثمان, وخان بالأموال التي اجتمعت عنده لكي يوصلها الى الامام المهدي عليه السلام.
برغم من أن النائب الثاني محمد بن عثمان سهل له طريق الالتقاء بالامام المهدي عليه السلام وأمره الامام بدفع الأموال الى نائبه, الا ان الرجل بقي على عناده وانحرافه, وكانت عاقبة أمره أنْ خرج التوقيع من ناحية الامام المهدي عليه السلام بلعنه والبراءة منه,نعوذ بالله من سوء العاقبة.
٥- الحسين بن منصور الحلاّج:- "شيطان وأي شيطان"؛ ابتليت به الأمة الاسلامية منذ عشرة قرون, وما يزال الحبل ممدوداً حتى اليوم, وبالرغم من ظهور كفره وانحرافه, فما يزال بعض الساقطين يعتبرون أنفسهم من هواة الرجل, والمعجبين به, والمعتقدين بعقائده الفاسدة (شبيه الشيء منجذب اليه).
اختلف المؤرخون في أصله وبلده فقيل: هو من أهل نيسابور -اقليم خراسان- وقيل: من أهل مرو, أو طالقان, أو الري.
وقد تحدث عنه المؤرخون والمحدثون, واعتبروه من الكذابين الدجالين, والمحتالين المشعوذين. وكان يتظاهر بالتصوّف ويدّعي معرفة كل علم ويتلون بألوان مختلفة, فيتظاهر بالتشيع عند الشيعة, ويدعي التسنن عند أهل السنة, وقد خرج التوقيع من ناحية الامام المهدي عليه السلام بلعنه والبراءة منه.
وذكر الشيخ البهائي في (الكشكول) ... أجمع أهل بغداد على إباحة دمه ثم صدر الأمر بإلقاء القبض عليه فحمل الى السجن, وأمر المقتدر العباسي بتسليمه الى مدير الشرطة ليضربه ألف سوط, فجيء به الى الطاق, حيث كانت جماهير غفيرة من الناس قد اجتمعت للتفرج عليه, وضرب ألف سوط ثم قطعت أطرافه وحز رأسه, وأحرقت جثته ونصب رأسه على الجسر في سنة ٣٠٩هـ.
٦- محمد بن علي الشلمغاني:- المعروف بابن العزاقر, ينسب الى شلمغان, ناحية من نواحي واسط في العراق, كان من المتحدثين, وله مؤلفات كثيرة جمع فيها الأحاديث التي وصلت إليه من أئمة أهل البيت عليهم السلام ولما انحرف وتغير, جعل يتلاعب بالأحاديث ويزيد فيها وينقص منها.
خرج توقيع من ناحية الإمام المهدي عليه السلام الى الشيخ, بن روح رضي الله عنه يتبرأ به من الشلمغاني, ويذمه ويلعنه, وفيه يقول عليه السلام: (... عرَّفْ أطال الله بقاءك, و عرَّفك الخير كله, وختم به عملك من تثق بدينه وتسكن الى نيته, من اخواننا -أدام الله سعادتهم- : بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني -عجل الله له النقمة ولا أمهله- قد أرتد عن الاسلام وفارقه, ألحد في دين الله, و ادعى ما كفر معه بالخالق -جل تعالى وافترى كذباً و زوراً, وقال بهتاناً وإثماً عظيماً, كذب العادلون بالله وضلوا ضلالاً وخسروا خسراناً مبيناً.
وإنا برئنا إلى الله تعالى والى رسوله وآله (صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم) منه , ولعنّاه, عليه لعائن الله تترى, في الظاهر منا والباطن والسر والعلن, وفي كل وقت, وعلى كل حال, وعلى من شايعه وبايعه وبلغة هذا القول منا فأقام على توليه بعده.
وقد صدر هذا التوقيع الشريف, حيث كان الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه مسجوناً في دار المقتدر العباسي, وبالرغم من ذلك فقد سلم الشيخ هذا التوقيع الى أحد أصحابه, وأمره أن يوزعه توزيعاً عاماً بين الشيعة فانتشر ذلك بينهم, واتفقوا على لعنه والبراءة منه والابتعاد عنه.
٧- أبو دلف الكاتب:- ابو دلف محمد بن المظفر الكاتب الأزدي. ادعى السفارة كذباً و زوراً, وقال فيه جعفر بن قولويه: (أما أبو دلف الكاتب فكنا نعرفه ملحداً, ثم أظهر الغلوّ, ثم جُن وسُلسل (قُيّد بالسلاسل) ثم صار من المفوضة. وما عرفنا -قط- اذ حضر في مجلس الا استخف به, ولا عرفته الشيعة الا مدة يسيرة والجماعة تتبرأ منه ومن يومي إليه.
من انحرافاته أنه كان من الخمسة وهم طائفة من الغلاة, تقول إن الخمسة, سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وعمرو بن أُمية الضمري هم الموكلون بمصالح العالم من قبل الرب. ذكره البهبهاني في (التعليقة).
وقيل الخمسة فرقة من الغلاة تقول بالوهية أصحاب الكساء الخمسة.
وعلى كل حال فهو قائل بالحلول, كافر نجس, ضال مضل.
٨- محمد بن أحمد البغدادي:- أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي. من العجيب أنّه كان حفيد عثمان بن سعيد رضي الله عنه.
(النائب الأول) وأدعى كذباً و زوراً -أنه سفير من قبل الامام المهدي عليه السلام, كان قليل العلم, ضعيف العقل, وكان يتبع أبا دُلف ويؤمن بأباطيله وكفرياته.
ويذكر أنه دخل يوماً مجلس عمّه محمد بن عثمان رضي الله عنه -النائب الثاني- وكانوا يتذاكرون حول الأحاديث الواردة عن أهل البيت عليهم السلام فقال محمد بن عثمان للحاضرين: أمسكوا أي اسكتوا فإنّ هذا القادم ليس من أصحابكم.
وقد كان هذا المنافق يتلون كل يوم بلون من الألوان, ومرة أدعى أنه وكيلٌ لليزيدي في البصرة, وجمع مالاً عظيماً, فقُبضَ عليه وضرب على رأسه ضربةً شديدة, نزل الماء في عينيه, فعمى ومات.