الوهابية ومعوقات التمهيد
سلسلة من الأبحاث تسلط الضوء على الحركة الوهابية وتكشف ارتباطاتها الخفية لسحق الاسلام باسمه
الحلقة الثالثة
بقلم عبد الله القحطاني
الوهابية وليدة مخطط صليبي إنجليزي متصهين محكم للقضاء على روح الإسلام, وتعمية عيون المسلمين بالزخارف والمظاهر لا غير, وقد كانت للوهابية أدوار بارزة في خيانة الإسلام وتشويه صورته, وسنركز في هذا المقال على القضية الفلسطينية وخدمة الوهابية لمصالح بريطانيا ومن ورائها الصهيونية وسندعم ذلك بأفعال الوهابية وأقوالهم, ونشرك القادة مع العلماء للترابط الوثيق بين القيادة والعلماء منذ ساعة نشأة هذه الحركة الخبيثة حيث لا انفصال بينهما في التوجه.
الوهابية عصا الصليبية المتصهينة
بعد ضرب حكم الشريف حسين وابنه علي بتحريض من الإنكليز لمعارضتهم منح فلسطين لليهود, أكدت الحركة موقفها المنطبق مع الموقف الإنكليزي وذلك في المؤتمر الذي انعقد عام ١٩٢٦ للنظر في أسلوب حكم الحجاز,...
... فعندما طرحت بعض الوفود الإسلامية اقتراحا يدعو إلى تطهير البلاد العربية من الحكم الأجنبي على أساس أن يشمل ذلك فلسطين وسوريا والعراق وسواحل الجزيرة العربية, احتج الوهابية على المشروع وأصروا على حذفه من جدول الأعمال.
مساهمة الوهابية في سقوط الدولة العثمانية وأثر ذلك على ضياع فلسطين:
دور الوهابية مخلص في هذا السبيل, وكانوا لا يألون جهداً في عون المتصهينين على ذلك, فقد ساهموا في ذلك بأسلوبين الأول: المساهمة الفاعلة في تفكيك الدولة العثمانية, والأسلوب الثاني: هو المساهمة في اختراق الصهاينة ديار الإسلام, وإليك الأمثلة:
_ المساهمة الفاعلة في تفكيك الدولة العثمانية: قاتل الوهابية الدولة العثمانية ومن يواليها قتالاً لا هوادة فيه, ويكفي أن نعلم بأن الوهابية قد قتلوا في موقعة واحدة ألفين وأربعمائة جندي مسلم من جنود الدولة العثمانية في وقعة واحدة, هم بين مصري ومغربي وقرشي.
_ المساهمة في اختراق ديار الإسلام: اعترفت بريطانيا رسمياً بالجهد الوهابي, وقتالهم للأشراف في الحجاز, مما سبب اختراقاً استعمارياً في بلاد الإسلام, وهذا مطمح من مطامح الصهاينة, فسقوط من يرفض تهويد فلسطين يعني التسلل إليها بعد ذلك بسهولة.
واقرأ مذكرات (حاييم وايزمان) حين يقول (لن نستطيع اختراق العالم العربي للوصول إلى فلسطين ما دام طوق الخلافة العثمانية باقياً, لذلك تعاونا مع بريطانيا لاختراق هذا الطوق) وقد اخترق الطوق, وساهم الوهابية في ذلك وبإخلاص.
_ تخدير المسلمين خدمة الصهاينة والصليبيين
عندما قامت الثورة الفلسطينية سنة ١٩٣٦ ضد بريطانيا التي كانت تمهد لتسليم فلسطين إلى الصهاينة, تدخل الوهابية خدمة للإنجليز لتخدير الأحرار, وتعهدوا للثوار بأن بريطانيا سوف تستجيب لمطالبهم إذا أوقفوا الثورة وذلك في (النداء) الذي وجهوه إليهم وجاء فيه:
(إلى أبنائنا عرب فلسطين لقد تألمنا كثيراً للحالة السائدة في فلسطين, فنحن بالاتفاق مع ملوك العرب والأمير عبد الله ندعوكم للإخلاد إلى السكينة وإيقاف الإضراب حقنا للدماء معتمدين على الله وحسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل, وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم).
ولقد أدى ذلك النداء الذي أشرك الاعتماد على الله بالاعتماد على المتصهينين! إلى شق الصف الفلسطيني بين رفض وموافقة فانتصر موقف الموافقين.
ولم يكتف الوهابية (بالنداء) بل قدموا إلى فلسطين يرأسهم سراً (جون فيلبي), وعلانية أحد أمراء نجد, واجتمعوا بالقادة الفلسطينيين في القدس حيث خاطبهم ممثل الوهابية النجدي بقوله: (.. بناء على ما عرفته من صدق نوايا بريطانيا أستطيع أن أقسم لكم بالله أن بريطانيا صادقة فيما وعدتنا به وأن بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية) ولكن تأكيدات المبعوث الوهابي لقتل الجهاد, لم تقنع على ما يبدو, المتنورين من الفلسطينيين .
_ بيع الوهابية لفلسطين
* لقد تآمر الوهابية على بيع فلسطين لليهود منذ أمد بعيد, وذلك في مؤتمر العقير سنة ١٣٤١ هـ بين القيادة الوهابية والخارجية البريطانية.
ففي وثيقة رسمية بقلم زعيم الوهابية تقول(.. أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من إعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة) والرسالة عليها خاتم الملك عبد العزيز.
* كما وصل سمحا إيرلخ مندوب بن غوريون إلى الظهران في ١٣/٩/١٩٤٥ ومنها إلى الرياض لتوثيق العهود الموقعة مع بريطانيا واستقبله والوفد المرافق له الأمير فيصل ليوصلهم إلى والده عبد العزيز.
* كما توجه وفد الوهابية إلى لندن لحضور مؤتمر لبحث موضوع الهجرة اليهودية إلى فلسطين, وكان الممثل الحقيقي لهم شيخهم جون فيلبي وحوله بعض الدمى الوهابية, فقد اقترح شيخهم فيلبي في المؤتمر (إعطاء فلسطين لليهود) مقابل استقلال البلاد العربية كلها.
_ القيمة الحقيقية لفلسطين عند الوهابية
كشف جون فليبي في كتابه: (٤٠ عاماً في جزيرة العرب) عن حقيقة موقف قائد الوهابية من القضية الفلسطينية وذلك بقوله: (إن مشكلة فلسطين لم تكن تبدو أنها تستحق تعريض علاقاته الممتازة مع بريطانيا ومع أمريكا للخطر).
ويضيف فيلبي: (وكان مستقبل فلسطين كله بالنسبة إلى (قادة الوهابية) كلهم, أمراً من شأن بريطانيا الصديقة العزيزة المنتدبة على فلسطين ولها أن تتصرف كما تشاء وعلى (قائد الوهابية) السمع والطاعة).
_ الصلح مع الصهاينة
الكثير من الناس يجهل حقيقة أن السياسة الوهابية لها علاقات راسخة مع القيادة الصهيونية منذ أمد بعيد, ومن يتابع حفلات القادة الوهابية بالغرب وأسماء المدعوين لها يرى الساسة والإعلاميين الصهاينة في مقدمة الحضور, ولم يخف الوهابية الاستعداد للصلح مع العدو الصهيوني حتى قبل معاهدة (كامب ديفد) في ١٩٧٩م!! فقد قال زعيمهم للواشنطن بوست سنة ١٩٦٩م (إننا واليهود أبناء عم خلص, ولن نرضى بقذفهم في البحر كما يقول البعض, بل نريد التعايش بسلام..), وأكد ذلك أكثر من مرة ومنها في ١٥ يونيو ١٩٧٥ أنهم: (على أتم الاستعداد للاعتراف بإسرائيل.. ولكن على إسرائيل أن تحل مشاكلها مع جيرانها وتتدبر أمرها مع الفلسطينيين), ولما سئل عن معنى (تدبر الأمر) قال: (إسرائيل أدرى بشؤونها).