الأسئلة الموجهة إلى مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
هل من النواصب من يتحوّل الى جبهة الإيمان عند الظهور؟.
علي عبد حسن
السؤال:
هل من النواصب ومن هو بعيد عن المذهب يتحول من جبهة الأعداء إلى الإيمان بظهور الإمام عليه السلام، ومن قادته في التصدي لمن يكفر بالله ورسوله والمؤمنين؟.
الجواب:
ورد في بعض الروايات ما يشير الى هذا المعنى، فقد ورد: (...والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة، حتى اذا التقوا، يخرج أُناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويخرج أُناس كانوا مع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى السفياني، فهم من شيعته، حتى يلحقوا بهم، ويخرج كل ناس الى رايتهم، وهو يوم الابدال...) (بحار الانوار ج٥٢ ص٢٢٤).
وهذا المعنى الذي ذكرته هذه الرواية يشير إلى أنّ من الفتن والاختبارات التي سيقع الناس فيها هو التقلب العقائدي، وهو ما أشارت إليه بعض الروايات -وإنْ كانت واردة في زمن الغيبة- بأنّ الرجل يمسي كافراً ويصبح مؤمناً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً.
ولعل سائلاً يقول: مع وجود الإمام المهدي عليه السلام وظهوره ورؤية الناس له عياناً، كيف يتحول البعض من صفّه إلى صفّ السفياني، وكيف يتركون النور ويذهبون إلى الظلام؟ إنّ هذا غير معقول في حد نفسه.
ولكن الجواب عن هذا واضح، إذ أنّ نفس التساؤل يرد على من ترك الحق وذهب إلى الباطل ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسمع حديثه وهكذا بقية الأئمة عليهم السلام.
إنّ حقيقة هذا الأمر ترجع إلى أنّ الإيمان -وكما ذكر القران الكريم- منه مستقر ومنه مستودع، وقد يخفي البعض حقيقة أنّ ما يدّعيه من ايمان هو في الواقع مستودع، يهتز لأقل ريح، يتبع أي ناعق،ولكن عندما يحين وقت الحقيقة يبرز الكامن، واذا به ينقلب على عقبيه.
من هنا ورد في تعليمات أهل البيت عليهم السلام ضرورة أنْ يسأل المرء ربه دائما حسن العاقبة، والثبات على الايمان، وكذلك فإن من أهم أدعية زمن الغيبة هو دعاء الغريق.
***
هل يبقى في دولة الإمام المهدي عليه السلام صنفان، من محض الإيمان، ومن محض الكفر؟
محمد
السؤال:
هل في دولة الإمام المهدي عليه السلام يبقى من الناس صنفان فقط، وهم من محض الايمان ومن محض الكفر، فيكون من محض الايمان مع الإمام وبعكسه ضده عليه السلام؟ اذا كان الجواب لا فإذن ماهو حال الذين يخلطون عملاً صالحاً وآخر سيئاً، والذين يفعلون الفواحش والمنكرات وهم يصلّون ويصومون ومن الشيعة أيضاً؟.
الجواب:
١- لم ير في الروايات الشريفة أنّ من يبقى في دولة الإمام عليه السلام هما ذانك الصنفان فقط، وانّما ورد مثل ذينك العنوانين في روايات الرجعة.
٢- إنّ عمل الإمام المهدي عليه السلام لا يقوم على الاعجاز ولغة (كن فيكون) إنّما عمله الهداية التدريجية، كما كانت سيرة الانبياء كذلك.
٣) ذكرت الروايات الشريفة أنّ الإمام عليه السلام سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً وأنّه سيحاسب الناس حسب علمه، وأنّ أمر الإمام عليه السلام لا يكون إلا بعد أنْ يمسح الناس العلق والعرق، وسيعمل الإمام على تعليم الناس القرآن الكريم في الكوفة، هذا وغيره يشير الى وجود فئات ما زالت تخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً.
وإذا سألتم: أنّ قولكم بأنّ هداية الإمام ستكون بعملية تدريجية ينافي ما ورد من أنّ الإمام عليه السلام سيضع يده على رؤوس العباد ويهديهم، فقد ورد عن أبي جعفر عليه السلام: (إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به احلامهم). (الكافي ج١ ص٢٥ ح٢١).
فنجيب:
١- إنّ هذه الرواية تبين تلك الحقيقة على نحو القضية المهملة لا على نحو القضية الخارجية وإنّ كل الافراد سيكون كذلك تماماً كما يقال إنّ الرجل أفضل من المرأة، فلا يعني هذا أنّ كل الرجال كذلك، كيف وفي النساء مثل الزهراء عليها السلام وأمها وابنتها زينب والسيدة مريم عليه السلام وآسيا بنت مزاحم. وغيرهن ممن عرضهن التاريخ.
٢- قد يراد من هذه الرواية هو أنّ الإمام عليه السلام يضع أسس التكامل، وإنّ من يلتزم بتلك الأُسس سيحصل على نتيجة الهداية.
وهناك احتمالات أُخرى لهذه الرواية نتركها رعاية للاختصار.
***
الإمام عليه السلام عند ظهوره يقوم بنصح المؤمنين.
أبو زهراء
السؤال:
هل الإمام الحجة عليه السلام يقوم بهداية ونصح المؤمنين بعد خروجه، وكم من الوقت يحتاج لذلك؟.
الجواب:
لاريب أنّ الحركة المهدوية ستعمل وفق المنهج التدريجي حالها في ذلك حال حركات الانبياء والمرسلين ولا تقوم على أساس الهداية الفجائية أو الاعجازية، ويدل على ذلك روايات عديدة، منها ما ورد من ارساله اصحابه المقربين الى اصقاع الأرض، كما عن الإمام الصادق عليه السلام: (إذا قام القائم بعث في اقاليم الارض في كل اقليم رجلاً يقول: عهدك في كفك فاذا ورد عليك امرٌ لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه فانظر الى كفك واعمل بما فيها، قال: ويبعث جنداً الى القسطنطينية فاذا بلغوا الخليج كتبوا على اقدامهم شيئاً ومشوا على الماء، فاذا نظر اليهم الروم يمشون على الماء قالوا: هؤلاء اصحابه يمشون على الماء، فكيف هو، فعند ذلك يفتحون لهم ابواب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها ما يريدون) (غيبة النعماني ص٣٣٤ ب٢١ ح٨).
ومنها ما ورد من تعليمه الناس القرآن الكريم في فساطيط ينصبها في الكوفة، فعن الإمام الباقر عليه السلام: (اذا قام قائم آل محمد ضرب فساطيط لمن يعلّم القرآن على ما انزل الله، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لانّه يخالف فيه التأليف). (الإرشاد للشيخ المفيد ج٢ ص٣٨٥)٠
على انّه عليه السلام لا يستعمل أسلوب القتال أولاً، انما يستعمل أسلوب المحاججة العلمية والتعليم، ما يعني انّه يعمل على إلقاء الحجة من خلال التبليغ الخطابي الواضح، فقد ورد انّه عليه السلام عندما يخرج ويسند ظهره الى الحجر، فينشد الله حقه ثم يقول: (يا أيها الناس، من يحاجّني في الله فانا اولى الناس بالله، ايها الناس، من يحاجني في آدم فانا اولى الناس بآدم.... إلى أنْ يعدد أنبياء أولي العزم كلهم). (غيبة النعماني ص١٨٧ ب١٠ ج٢٠).
هذا كله فضلاً عن الارهاصات التي ستكون قبيل الظهور من علامات واضحة وبيّنة كالصيحة والخسف وغيرها.
***
هل التقوى والصلاح ملازمة للأوتاد والأبدال؟.
اسراء عبد الكريم
السؤال:
نعلم أنّ للأمام اوتاداً وابدالاً ويكونون على درجة من التقوى والصلاح. سؤال: هل التقوى والصلاح ملازمة لهم من الصغر مثل عصمة الائمة عليهم السلام أو لهم ذنوب وخطايا، ويجاهدون للكمال فيحصلون على العناية الإلهية ويصلون إلى مقام الاوتاد والابدال؟.
الجواب:
ليس ضرورياً أنْ يكونوا معصومين ولم يواقعوا الذنب من الصغر، بل هي العناية الالهية التي تشملهم نتيجة اخلاصهم لمولاهم.
وإلا فما بالك بأصحاب الحسين عليه السلام الذين لم ير الحسين مثلهم أصحاباً، الم يكن البعض منهم مسيحياً واسلم في الطريق مع الحسين عليه السلام، ألم يكن البعض منهم عثماني الهوى ثم التحق بركب الحسين عليه السلام، ألم يكن البعض منهم ممن جعجع بالحسين عليه السلام وعيالاته، ثم أدركته الرحمة الالهية في آخر ساعات حياته.
فالمسألة إذن تابعة للرعاية الإلهية والإخلاص للقضية المهدوية، ولا يخفى عليكم أنّ للالتزام بالثوابت الشرعية، والانتهاء عن المحرمات دوراً رئيساً للوصول إلى تلك المقامات.
لا يعني ما قدمناه لكم التساهل في الثوابت الدينية، فإنّ الاخلاص للقضية المهدوية هو فرع الالتزام بتلك الثوابت، وعلى حد قول الشاعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه *** هذا لعمري في القياس بديع
لو كان حبّك صادقاً لأطعته *** إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
فالإخلاص للأمام عليه السلام يعني التزام تلك الثوابت والتي منها الالتزام بتوجيهات المرجعية الدينية.