نسب المدعو ابن كاطع
عبد الله الحسيني البصري
نسب جماعة أحمد ابن كاطع الذي يدّعي المهدويّة صاحبهم فقالوا:
هو أحمد بن إسماعيل بن صالح بن حسين بن سلمان بن محمد _أي المهدي_ بن حسن بن علي...الخ.
وكما هو واضح من شجرة النسب المدّعاة، فإنّ صالحاً جد أحمد, وإنّ سلمان جد صالح, وإنّ سلمان هذا ابن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام, والنتيجة أنّ الإمام المهدي هو الأب الخامس لليماني المزعوم.
فكيف يمكن تفسير قلّة الوسائط في النسب مع وجود الفاصل الزمني بينهما أكثر من (١١٨٠ سنة) أي ما يقارب ١٢٠٠ سنة أو١٢ قرناً من السنين, وما يخصّ آباء أحمد من حيث السنّ والسكن والخصائص المعرّفة لهم؟.
ثم أنّ الوسائط التي ذكرها المدّعي في النسب بينه وبين الإمام المهدي عليه السلام أربعة آباء فقط, فكيف يمكن تفسير قلة ألآباء في مثل هذه الفترة الطويلة, لذا فإنّ الأمر لا يخلو من أحد وجوه:
١- أمّا أنّ الآباء بقوا عزّابا لفترات طويلة، كل واحد مئتي عام أو ثلاثمائة عام، وأنّ ولادة كل واحد منهم كانت في أواخر عمر من سبقه، أي بعد ثلاثمائة عام من ولادته.
٢- أو أنّهم تزوّجوا في سن مبكّرة بعد البلوغ مباشرة، ولكن حصل لهم العقم الذي طال أكثر من ثلاثمائة عام حتى حصل لهم الإنجاب بعد ذلك.
٣- أو أنّ زواجهم وإنجابهم كان حسب المتعارف في الناس، من كون الإنجاب لولد في سن العشرين الى الثلاثين سنة, وعليه فلابدّ أنْ تكون الوسائط أكثر من عشرين أو اثنين وعشرين أبا, ولكنّ (أحمد) آثر أنْ لا يذكر جميع آبائه بالترتيب وحذف أسماء أكثرهم من سلسلة آبائه وأبقى هؤلاء الأربعة فقط لامتياز خاص فيهم.
وهذا يوجب طرح أسئلة أخرى عليه, وهي:
أولاً: ما هي الخصائص التي ميّزت هؤلاء الأربعة عن غيرهم حتى يذكروا ويهمل البقية.
ثانياً: وما هو تأريخ ولادتهم وفي أيّة سنة حصلت هذه الولادة؟.
ثالثاً: هل كانوا يعيشون في الأرض، أو رفعهم الله إلى السماء، ثم نزلوا فأنجبوا في الأرض، ثم رفعوا إلى السماء مرة أخرى؟.
رابعاً: هل هم من الأحياء، أوأنهم ماتوا بعد عمر قصير، أو هل بقي أحد منهم حيّاً إلى حين إعلان الابن أحمد دعواه في عام ١٩٩٩؟.
خامساً: إذا كانوا متوفّين فأين قبورهم؟, وما هي الوثائق الرسمية التي تدلّ على وفاتهم، وماهو تأريخ وفيّاتهم؟ وفي أيّة بقعة كانوا يعيشون أواخر أيام حياتهم؟.
والسؤال الأخير: وهو أيّ عاقل يمكن أنْ يصدق بهذه السفسطة في إثبات النسب؟!.
وقد أجاب على هذه الأسئلة بالقول أنّ الإمام المهدي عليه السلام حيّ يتزوّج النساء خلال عمره الشريف، وإنّ هذه السلسلة التي يدّعيها أحمد كانت من زواجه الذي حصل قبل ١٠٠سنة أو أكثر بقليل.
فالسؤال عن هذا القول وما سبقه من الاحتمالات بالحرف الواحد:
ما هو الدليل على تحقّق هذا الزواج؟.
فإنّ الذي هو ثابت عند الشيعة أنّ الإمام عليه السلام لم يتزوّج في الغيبة الصغرى والتي امتدّت ما يقارب ٧٠ عاماً، فكيف يثبت أنّه تزوّج بعد ذلك؟.
وإنْ صحّ الاعتماد على مجرّد ادعاء أحد أنّه ابن أحد من الناس، لضاعت الأنساب وأمكن لكل لقيط أنْ يدّعي أنّه ابن شخص شريف غائب, فما الذي يقال في ردّه؟.
وهذه مفسدة عظيمة في ضياع الانساب واختلاطها بمجرد تصديق مثل هذه الدعاوى.
وهناك جواب آخر يدحض هذه الفكرة-أي فكرة إنجاب الإمام في زمن غيبته من أساسها وهو:
انّ الإنجاب للإمام في عصر الغيبة غير ممكن، لأنّ ذلك سيؤدّي إلى مفسدة عظيمة في الإسلام، إذ يؤدي إلى زواج المحارم، كزواج الشخص بعمّته وإنْ علت في النسب، أو زواج العم من ابنة أخيه و إن نزلت، أو زواج الخال من ابنة أخته وإنْ نزلت، وأمثالها.
وللتوضيح:
لو أنّ الإمام عليه السلام أنجب في القرن الثالث الهجري في عام ٢٧٠ مثلاً ولداً اسمه زيد،فسوف ينجب زيد هذا وتصير ذريّته عشيرة تسمى آل زيد مثلاً، وتنتشر في كل العالم.
ثم إنْ جاء الإمام المهدي عليه السلام وتزوج بعد عشرة قرون من عمره الشريف أي قبل ١٠٠ عام مثلاً وأنجب ولداً اسمه عبد الله وبنتا اسمها فاطمة.
فانّ عبد الله لو تزوّج بنتا من آل زيد فيكون قد تزوج ببنت أخيه وإنْ كانت نازلة في سلّم النسب، وإنّ فاطمة لو تزوّجت رجلاً من آل زيد تكون قد تزوجت من ابن أخيها وإنْ نزل في عمود النسب، وهذه زيجات محرّمة، وسوف تكون كثيرة الحدوث من حيث أنّ واقع الحال أنّ الإمام غائب وأنْ ذريته والعشائر المباركة المزعومة التي تنتسب إليه لا يعلمون حقيقة انتسابهم للإمام، وبالتالي تكون زيجات الإمام _لو كانت حقيقة كما يدّعي احمد كاطع_ سبباً لضياع الأنساب، وسبباً للزيجات الفضيعة المحرّمة التي لا يقبلها الله، ولا يستسيغها أي إنسان شريف وعاقل في هذه الأرض.
ومن هذا المثال نستنتج انّه محال أنْ تكون للإمام ذريّة كما يدّعي أحمد كاطع، لأنّ الإمام لا يمكن أنْ يرتكب مثل هذا الخطأ الفضيع لأنّه معصوم ويطبّق شريعة الله في الأرض في الزيجات والحفاظ على صحة الأنساب وفي كل شيء من أمور الدين والدنيا.
ونشير هنا إلى أنّ الإمام لا يمتنع أنْ يتزوج خلال هذا العمر الطويل، ولكنْ من غير إنجاب، لما بينّاه من مفسدة الإنجاب، وكذلك لا يمتنع أنْ ينجب قريباً من عصر الظهور وعند الظهور لأنّه ستكون ذريته على هذا الاحتمال معروفة وقليلة وهي عائلته التي تعيش معه ولا يمكن أنْ تحصل زيجات خاطئة في هذه الحالة.
فكان من المناسب أنْ يدّعي أحمد كاطع أنّه ابن الإمام المباشر من زيجة معاصرة ليرتفع عنه هذا الإشكال، ولكنْ شاء الله أنْ يفضح هذا المدّعي، ولا يبقي له ولأنصاره حجّة يعتذرون بها يوم القيامة.