من قوانين دولة الحق
الشيخ حسين الأسدي
عندما يريد المرء زيارة دولة ما، فعليه أولاً أنْ يتعرف على قوانين تلك الدولة، حتى لا يقع في مخالفتها، فإنّ مخالفتها قد تعرّضه للمنع من دخول هذه الدولة أو الطرد منها فيما لو دخلها.
وباعتقادنا، أن هناك وعداً إلهيا لإقامة دولة العدل فعلينا أن نعمل جاهدين على أنْ نكون ممن وفقهم الله تعالى لدخول تلك الدولة والعيش في كنفها.
ولكنْ لتلك الدولة قوانين لابدّ من التعرف عليها، والتزامها، حتى لا نمنع من دخولها، أو قل حتى لا نسلب التوفيق من التنعّم بنعمها، فلابدّ من التعرف على تلك القوانين، والتزامها، وتلك القوانين كثيرة، نذكر منها :
أولاً : لا مكان فيها للخداع أو المكر السيئ أو الكفر أو الشرك. ولا مكان فيها لمن يبطن خلاف ما يظهر. فإنّ لقائد تلك الدولة عِلماً خاصاً يدعى (التوسّم) به يعرف الصّادق من الكاذب، ففي (ينابيع المودة لذوي القربى) للقندوزي - ج ٣ - ص ٢٥٢عن الصادق عليه السلام قال: (لو قام قائمن عليه السلام يعرف أعداءنا بسيماهم فيأخذ بنواصيهم وأقدامهم).
وفي نفس المعنى ورد في (غيبة النعماني) ( ص ٢٤٦) عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (بينا الرجل على رأس القائم يأمر وينهى إذ أمر بضرب عنقه، فلا يبقى بين الخافقين شيء إلاّ خافه).
إذن، لابدّ من الإخلاص والعمل طبق الدعوى.
ثانياً: إنّ قيام تلك الدولة يحتاج إلى بذل جهد بدني ونفسي شديد جداً. فلا مكان لضعفاء النفوس والهاربين من الموت، والمنهزمين من ساحات الجهاد. ففي (غيبة النعماني) (ص ٢٩٤_٢٩٥) عن بشير النبال، قال: قدمت المدينة، وذكر مثل الحديث المتقدم، إلاّ أنّه قال: لمّا قدمت المدينة قلت لأبي جعفر عليه السلام: إنّهم يقولون: إنّ المهدي عليه السلام لو قام لاستقامت له الأمور عفوا، ولا يهريق محجمة دم، فقال عليه السلام: (كلاّ والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول اللهN حين أدميت رباعيته، وشج في وجهه، كلاّ والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق، ثم مسح جبهته).
ولذلك فأصحاب الإمام عليه السلام هم (رجال لا ينامون الليل، لهم دوّي في صلاتهم كدويّ النحل، يبيتون قياما على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأمة لسيّدها، كالمصابيح كأنّ قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة، ويتمنّون أنْ يقتلوا في سبيل الله، شعارهم: يا لثارات الحسين عليه السلام).
إذن لابدّ من الاستعداد العملي لذلك.
ثالثاً: إنّ الإقبال على تلك الدولة مكتنف بالكثير من الاختبارات والفتن، وهي من الخطورة بحيث يمسي الرجل كافراً ويصبح مسلماً وبالعكس، وتكثر الإدّعاءات الكاذبة، والرايات المتخالفة، وكل يدعي وصلاً بليلى. وحتى يتغلب الفرد على تلك الاختبارات عليه:
* أنْ يلتزم بعض الأسباب الغيبية كالأدعية الخاصة لرفع خطر السقوط، كدعاء الغريق في زمن الغيبة.
* أنْ يتعرف على تلك الاختبارات، فمن عرف الأسئلة قبل الامتحان اجتازه بكل يسر.
رابعاً: إنّ قائد تلك الدولة هو من الحزم بحيث لا يسامح المخطيء إلاّ أنْ يتوب. وإنّ ذلك القائد يلاحظ فترة ما قبل القيام _أي زمن الغيبة الكبرى_ ولذلك كان من الضروري الالتزام بالإسلام قبل القيام، خصوصاً وأنّ قيام تلك الدولة سيكون بغتة وفجأة. وذلك ما صرّح بضرورته الإمام المهدي عليه السلام في رسالته إلى الشيخ المفيد حيث يقول: (فليعمل كل امرء منكم بما يقرب به من محبتنا، ويتجنّب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا. فإن أمرنا بغتة فجأة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة، والله يلهمكم الرشد، ويلطف لكم في التوفيق برحمته).