إمامة المهدي المنتظر عليه السلام
الشيخ باقر المقدسي
إمامة المهدي عليه السلام ثابت رسولي:
لقد تناولت الأحاديث التي وردت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قضية إمامة المهدي عليه السلام، وهي من الكثرة لدرجة تفوق الحصر، ولم يقتصر نقلها عند الشيعة، بل تعدى ذلك إلى أهل السنة، وبعدد كبير وغفير منهم.
أي أنّ القضية المهدوية ليست فكرة شيعية سبئية، كما يدّعي البعض، بل هي فكرة شيعية سنية إسلامية متأصلة.
لكن الملفت للنظر هنا أنّ بعض الكتاب من المحدثين قد أنكروا ذلك مثل: أحمد أمين المصري في كتابه (فجر الإسلام) و(ضحى الإسلام)، أو عبد الحسيب طه حميده في كتابه (أدب الشيعة) وأمثالها، هم أمّا جهّال بالحديث النبوي، وأمّا انهم يعرفونه ولكن يحركهم حقدهم وجمودهم، وإلاّ فإن إنكار مثل هذه القضية هو إنكار لقضية إسلامية وضع أسسها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وليست لها علاقة بالشيعة إذ ان الإخبار بها كان نبوياً رسولياً، وهي ثابت ديني عقدي، ولا مساس لها بتخرصات تنسب القضية إلى السبئية المختلقة والمدّعاة من قبل زمر الأموية الحاقدة.
تواتر أحاديث الإمام المهدي عليه السلام:
إنّ الروايات التي وردت في حقّ الإمام المهدي عليه السلام وردت على السنة أكثر من خمسة وعشرين صحابياً وتصل إلى حد التواتر، فقد ذكرت الكتب الحديثية انها وردت عن الإمام علي عليه السلام، ابن عباس، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عمرو العاص، ابي سلمة، عبد الله بن مسعود، ام سلمة ام المؤمنين، عائشة ام المؤمنين، وابي هريرة.
لقد ذكر ذلك وأكّده اكثر من سبعين عالماً من علماء اخواننا اهل السنة واكدوا هذه الروايات في كتبهم الحديثية، حتى ان البعض منهم ألف كتباً خاصة بالامام المهدي عليه السلام وقضيته.
ومن هؤلاء ابو نعيم الاصبهاني، في كتبه (نعت المهدي عليه السلام)، (مناقب المهدي عليه السلام) و(الاربعين حديث في المهدي عليه السلام)، وجلال الدين السيوطي في كتابيه (العرف الوردي في اخبار المهدي عليه السلام) و(علامات المهدي عليه السلام)، وحماد بن يعقوب الرواجدي في (اخبار المهدي عليه السلام)، وابن حجر العسقلاني في (القول المختصر خفي علامات المهدي المنتظر عليه السلام)، وملا علي المتقي في (كنز العمال) و(البرهان في علامات مهدي آخر الزمان عليه السلام)، ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في (البيان في اخبار صاحب الزمان عليه السلام)، وامثالهم كثير، وكلهم يقرون ويعترفون بعقيدة وفكرة الإمام المهدي عليه السلام٠
محاولات تشويه روايات الامام المهدي عليه السلام:
دأبت الاوساط المشبوهة من أمويين وأذنابهم ومأجوريهم والسائرين في ركابهم على تشويه الأخبار الصحيحة بخصوص هذه القضية، وقامت بعدة محاولات يائسة لتضليل الناس، ومن ذلك ان تقول بان الإمام المهدي عليه السلام هو من ذرية الإمام الحسن السبط عليه السلام.
أو الإتيان بإضافة (اسم ابيه اسم أبي) بمعنى أن والد الإمام اسمه كاسم والد النبي اسمه (عبد الله)، وهذا يتعارض مع اسم الإمام المهدي عليه السلام حيث أسم أبيه عليه السلام (الحسن العسكري عليه السلام).
وهذه لاشك ألاعيب، القصد منها تغطية الحقيقة الناصعة، التي تأبى إلا أن تبقى كقرص الشمس لا يحجبه غبار ولا دخان، وقد أكّد هذه الحقيقة إخواننا من أهل السنة، كالكنجي الشافعي في كتابه (البيان في اخبار صاحب الزمان عليه السلام)، كذلك الترمذي حين يتحدث عن قضية الإمام عليه السلام، ثم أحمد بن حنبل في مسنده، وغيرهم يؤكدون قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الإمام ان اسمه اسمي.
وضمن مسلسل التشويهات المقصودة للقضية المهدوية التسميات، كتسمية أبي جعفر المنصور العباسي، لأحد أبنائه محمد المهدي. وإعلانه على الناس على انه المهدي المنتظر. الى غير ذلك من محاولات اليأس التي لم تغير نصوع الحق المهدوي شيئاً.
ما قام به الحكام الظالمون تجاه القضية المهدوية:
إنّ ما يؤكد القضية المهدوية رغم محاولات الطمس والتشويه، هو ما قام به الحكام الظالمون الذين تولوا أمر المسلمين في تاريخ الإسلام، وخاصة حكام بني العباس، فواحدة من محاولاتهم لمنع ظهور إمام يهدي على اسم الله هو هجومهم مرات عديدة على دار الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وسجنهم أم الإمام في بيت القاضي أبي الشوارب. كذلك تعجيلهم بقتل الإمام الجواد عليه السلام وهو شاب لا يتجاوز من العمر (٢٥) عاماً، وقتلهم الإمام الهادي عليه السلام ذي (٤٢) عاماً، والإمام العسكري عليه السلام (٢٨) عاماً. وكل ذلك لانّهم كفرعون يدرون ان زوال ملكهم يكون على يد موسى عليه السلام، وهم الظلمة المجرمون، يريدون القضاء على إمام الزمان عليه السلام، لانّهم يقرون بأن نهاية الظلم في العالم يكون على يديه الكريمتين.
إنّه الوعد الإلهي، وان الله يفي بوعده للذين آمنوا.
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ).