الأسئلة الواردة إلى مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
من هو الدجال وما هي حقيقة وجوده؟
رجـــــــــــاء
السؤال:
من خلال الروايات الصادرة عن المعصومين نجد أنّ الدجال يمثل شخصية لها مواصفاتها وخصائصها لكن نجد هناك من المحققين والعلماء من يجعلها تمثل خطاً فكرياً فكيف يمكن التوفيق بين الاثنين.. هل هو خطأ في القراءة أم أنّ الرواية تتضمن ذلك.
الجواب:
على فرض التسليم بصحة ما ورد من الروايات التي تحدثت عن الدجال واصفة إياه بتلك الأوصاف العجيبة التي لا تكاد تصدق على رجلٍ غيره، فإن ظاهر هذه الأخبار يفيد بأن شخصية الدجال شخصية حقيقية وأنه إنسان لا مجرد رمز، ولا مسوغ للعدول عن ظاهر الكلام مع توفر بعض القرائن التي تؤكد إنسانيته، كذكر اسمه ونسبه، وأن من يقتله هو عيسى عليه السلام وغير ذلك، أما الأوصاف العجيبة التي ذكرت له فيمكن أن تتحقق في جنس البشر، فعينه الواحدة الموصوفة كأنها عنبة طافية ربما يكون سببها تشوه خلقي، إذ هناك من التشوهات الخلقية الوراثية ما هو أدهى وأمر من عين الدجال كما لا يخفى. وأما ما ورد من أن معه جنة ونار وجبل من خبز ونهر من ماء وما أشبه ذلك فممكن أيضاً مع تصريح الروايات بأنه ساحر، وعلى فرض أنه ليس بساحر فالأوصاف المذكورة مما يوجد له شاهد في العصر الحاضر، فقد ورد أن خطوة حماره ميل تطوى له الأرض منهلاً منهلاً، وهذا الوصف ظاهر في صفة وسيلة النقل التي يركبها، وانطباقها على وسائط النقل الحديثة أوضح من أن يذكر وكذلك سائر أوصافه يمكن أن نجد لها في منجزات حضارتنا الحالية مصاديق، والذي لا يوجد له مصداق منها فلا مانع من وجوده لاحقاً نتيجة لتطور العلم والتكنلوجيا وازدهار الحضارة والانسانية.
ولذلك فإننا لا نرى ـ اليوم ـ من ضرورة لتوجيه أخبار الدجال، كونه رمزاً لتيار إلحادي أو ما أشبه، نعم هذه الوجوه المذكورة محتملة، إلا أنها ليست هي التفسير الوحيد لأخبار الدجال بل هي مرجوحة لمحل مخالفتها للظاهر.
هذا كله على تقدير صحة السند، مع العلم أن أخبار الدجال أكثرها مذكور في كتب أهل السنة، ولم يرد في مصادرنا منها إلاّ النزر اليسير.
***
كيف يمكن ان يرى الانسان الامام عليه السلام واين يمكن أن يظهر الإمام عليه السلام؟
لؤي صباح نصيف
السؤال:
١. هل يمكن للإنسان العادي أن يرى الإمام المهدي عليه السلام.
٢. هل أن الإمام المهدي أفضل من الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
٣. هل يمكن للإمام أن يظهر في دولة أجنبية، أميركاً مثلاً ويبدأ مهامه فيها.
الجواب:
أولاً: رؤية الإمام المهدي عليه السلام من قبل البعض ممكنة في حد ذاتها، وقد دل على وقوعها، فضلاً في امكانها عدد من الروايات كالخبر المروي عن الصادق عليه السلام في (الغيبة للنعماني/١٩٤): (لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة ومابثلاثين من وحشة).
ولقد اشتهرت في أوساط الناس عدد من الحكايات التي تدور حول لقاء بعض الأشخاص بالإمام المهدي عليه السلام، وقد تصدى لتدوينها مجموعة من علمائنا كالشيخ الطوسي والعلامة الحلي والسيد ابن طاووس والعلامة المجلسي والشيخ عباس القمي رحمه الله.
ثانيا: النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أشرف الخلق وأفضلهم وأقربهم منزلة من الله عز وجل، وهو أفضل من الإمام المهدي عليه السلام وأفضل من سائر الأئمة عليه السلام بل لا يدانيه في الفضل نبي مرسل ولا ملك مقرّب، فقد ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (أنا أفضل ولد آدم ولا فخر، وأنا سيد النبيين ولافخر) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا أفضل من جبرئيل وميكائيل واسرافيل ومن جميع الملائكة المقربين، وأنا خير البرية....) ولقول علي عليه السلام فيه: (إنّما أنا عبد من عبيد محمّد) ومما يدل على أفضليته على الأئمة عليهم السلام بما فيهم الإمام المهدي عليه السلام الأخبار التي تدل على تقدمه في الخلق على سائر المخلوقات في عوالم الامكان، ففي الحديث المشهور عند العامة والخاصة: (أول ما خلق الله نور نبيك ياجابر، نعم ورد أن الإمام المهدي عليه السلام هو أفضل التسعة من ذرية الحسين عليه السلام.
فعن الباقر عليه السلام انّه قال: (يكون منا تسعة بعد الحسين بن علي عليه السلام، تاسعهم قائمهم وهو أفضلهم).
ثالثا: نعم، من حيث الإمكان فإن الإمام المهدي عليه السلام يمكن أن يظهر في أيّة بقعة من الأرض سواء كانت أمريكا أم غيرها، إذ ليس هو بالأمر المتعذر أو المحال، غير أن القضية لاصلة لها بالإمكان وعدمه، لأنّ ظهوره عليه السلام في أمريكا أو غيرها من بلدان الغرب مما لايساعد عليه الدليل، فضلاً عن تظافر الأخبار بخروجه عليه السلام في مكة، ولعل الحكمة في ذلك تعود إلى أن ظهوره في غير قومه مخالف لسنة الله تبارك وتعالى في الأنبياء والأوصياء والمصلحين، فجميع الأنبياء -كما هو صريح القرآن- قد أرسلوا إلى أقوامهم، ولم يشذ عن هذه السنة أحد منهم، وربما يشكل البعض على ذلك بأن دعوة الإمام المهدي عليه السلام لمكان عالميتها وشموليتها وأنه عليه السلام مهدي الأمم فإن جميع بني البشر هم قومه، وبذلك يمكن تصحيح خروجه في أيّة بقعة من الأرض ولا اختصاص لأرض دون أخرى، وهذا الإشكال على الرغم من وجاهته يرد عليه أمور:
الأول: إن لفظ(قوم) لايطلق في اللغة إلاّ على جماعة معينة بلحاظ نسبة شخص إليهم، وعليه فإنّ إطلاق هذا اللفظ على عامة البشر يفتقر إلى قرينة وليس في البين ثمة قرينة على كون المراد بـ(القوم) هم الناس قاطبة لاسيما مع وجود ألفاظ كثيرة ظاهرة في الشمول كالناس والبشر وبني آدم وما أشبه، ومع وجود القرينة يكون المعنى مجازاً لا حقيقة والمصير إلى المعنى المجازي مع حصول البيان بما يؤدي إلى الحقيقة يعد مرجوحاً كما لايخفى.
الثاني: إنّ قواعد المهدي عليه عليه السلام الشعبية توجد أغلبها في البلدان الإسلامية فما هي الحكمة من خروجه في بلدان أخرى تعتبر بالنسبة إلى الإسلام دار كفر؟ ثم أن خروجه عليه السلام بين ظهراني قوم غير قومه فيه من الإعزاز لهم مالا يمكن إنكاره، وفيه أيضاً من الخذلان لقومه وأهل ملته مالا يحتاج إيضاحه إلى نصب دليل وإقامة برهان، لأنّه مما يدرك بالوجدان.
الثالث: إنّ مكة المكرمة هي بيت الله وقبلة المسلمين، فلها من القدسية والرمزية والشرف ما يجعل ظهوره فيها دون سواها هو الراجع، إذا أنّ خروجه فيها يحمل من المضامين والدلالات الشيء الكثير اظهرها أن بداية الدعوة الرسالية كان منطلقها مكة ومنها انتشر الإسلام في الأقاليم وخروجه عليه السلام فيها إشارة إلى أن الدّعوة المهدوية امتداد للدعوة الرسالية وتجري مجراها، وهي استئناف جديد لانتشار الإسلام وشموله لجميع الناس في اقطار الدنيا كافة.
فجميع هذه الأمور المذكورة تؤيد ظهوره عليه السلام في دار الإسلام، وهو ماتقتضيه الحكمة، وحاشاه أن يحيد عنها.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان.