طريق الإمام عليه السلام ومحاولات الظالمين
د.السيد هادي الحكيم
يمثل الإمام المهدي عليه السلام قمة الوعي البشري، فهو إمام الزمان المؤهل والمعدّ إعداداً إلهياً لقيادة العالم كله, وهو مرجع بذاته، فما من سؤال على مستوى العالم إلا ويعرف الإمام عليه السلام جوابه, وما من مشكلة مهما كبرت إلاّ ويعرف الحل الأنسب لها, ومن جهة أخرى فإن الإمام المهدي عليه السلام باعتباره إماماً, ووارثاً لعلمي النّبوة والكتاب, فهو على علم يقين بما مر به العالم, وعلى إطلاع تام بما يفعله الظلم وبما يفعله الظالمون. وكيف كانت مواقف الظالمين المخزية من الرّسل والأنبياء والأولياء عليهم السلام وعباد الله الصالحين.
إن الإمام المهدي عليه السلام بوصفه خاتم أئمة أهل البيت عليهم السلام، وقائد حركة تصحيحية إلهية، فهو على علم بحجم الظلم و التشريد والقتل الذي أقترفه الظالمون بحق آبائه وأجداده الأكرمين وبحق مواليهم الصادقين, وأن أولئك الظالمين هم الذين أذلّوا الجنس البشري وألبسوه ثياب الذل والهوان وأذاقوه الاضطهاد والإرهاب الفكري، ورموا الناس بالشرك والكفر، وعملوا على تخلف الإنسانية عن المسيرة الإلهية التي أرادها لها بارؤها، كذلك وظفوا أنفسهم للعمل على تأخر الناس عن ركب الإيمان.. ومنعهم عن اتباع دين الله الحق الذي أهداهم إياه خالقهم.. فقد عمل هؤلاء على أن يجانب الناس طريق القداسة.. الصراط المستقيم.. فيدخلوا من غير مدخله ويأتوه من غير بابه.. ويستخدموا غير دربه.. وبالنهاية لا يبلغوا هدفهم.. وكل ذلك إضلالاً مقصوداً وتضليلاً مرسوماً.. ومخططاً له من قبل أعداء الله وأعداء دينه ورسله، من قبل من ناصبوا العداء أساساً لمن أرادهم الله وصلاً بينه وبين عباده ختاماً لدينه.. آل بيت النبوة.. العترة الطاهرة عليهم السلام.. لقد جهد هؤلاء الظالمون، بل وأقسموا أن يقعدوا لكل مؤمن صادق على طريق الحق ليرصدوا حركات الصالحين فيحرفوهم عن جادة الصواب.. آخذين بهم غدراً وغيلة نحو غياهب غضب الله وسخطه.. طريق الظُلمة والجهل والعثرات.. حيث يقودوهم وبسبق إصرار وترصد ويؤدون بهم إلى جهنم.. ومن حيث لا يريدون، وهم الآن يصولون ويجولون في أرجاء العالم الإسلامي دون رادع يردعهم، ولا من مانع يمنعهم، إنهم يعلنون عدم اعترافهم بجميع الفرق الإسلامية الأخرى، أو إيجاد أدنى علاقة ودّ بينهم وبينها، ويصرحون بمحاربتهم حتى لفكرة التقريب بين المذاهب، ويرفضون ما يعتقد به غيرهم جملة وتفصيلا، كذلك محاربتهم للتواصل مع الأنبياء والأوصياء والصحابة، بزيارة أضرحتهم وأداء التحية لهم، ويعتبرون ذلك من البدع والخرافات.
لقد بلغت الصلافة بهؤلاء أنهم تلاعبوا بالحديث النبوي الشريف، وأن نقضهم له واضح، وأصرّوا على الخطأ وعدم اعترافهم بالحق أينما كان ولمن كان.
إن هؤلاء الظالمين _وكل الظالمين_ رجس، وقد أمر المهدي عليه السلام بأن يطهّر الأرض من أعداء الله ومن رجسهم وأن يفرغها _أي الدنيا_ تماماً من أي ظلم وأن يملأها بالعدل كما ملأها الظالمون بالجور والظلم والعداء، وهذه هي طبيعة ومستندات ومصادر العقيدة التصحيحية للإمام المهدي عليه السلام وأعوانه أن يضربوا الظالمين وأعوانهم بكل قوة وبدون رحمة، لأن القوة مع الظالمين مهما اشتدت فلن تبلغ معشار الجرائم القذرة التي ارتكبوها بحق الله ورسوله والمؤمنين, بل الجنس البشري عامة.
إن الظالمين مجرمون عتاة لا يمكن إصلاحهم, فلقد مردوا على الظلم, وكفروا بالله ورسوله وعبدوا مصالحهم وشهواتهم من دون الله وسخروا بكل ما طالته رغباتهم لاشباع تلك المصالح والشهوات، انهم أساتذة بالكفر والفسوق والنفاق فما طالت أيديهم الملوثة شيئا إلاّ لوثته وافسدته, وما نظرت إلى صورة جميلة منسقة إلا عمدت إليها فشوهتها وأظهرتها للناظرين بحال غير التي هي عليه، فوضعت الحواجز أمام الناظرين، وألقت الضبابية بينهم وبين ما ينظرون إليه، فبيّنت لأولئك الناظرين غشاً وزوراً انهم على غير هدى أو صلاح.
إن الحل الجذري لأمر هؤلاء يكمن بالقضاء عليهم وتهديم أركانهم وتقليم أظافرهم بشكل لا تستطيع النمو بعده أبدا, والعمل كل العمل على أن لا تشرئب أعناقهم إلى أكثر من استحقاقهم، بحيث لايجسروا على ما هو أكبر من قدرهم.