الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات » (٥٦) زيارة الأربعين والتحضير لنظام دولي
 البحوث والمقالات

المقالات (٥٦) زيارة الأربعين والتحضير لنظام دولي

القسم القسم: البحوث والمقالات الشخص الكاتب: آية الله الشيخ محمد السند التاريخ التاريخ: ٢٠١٧/١١/٠٧ المشاهدات المشاهدات: ١٦٤٢ التعليقات التعليقات: ٠

زيارة الأربعين والتحضير لنظام دولي

الشيخ محمد السند

إن ظاهرة زيارة الأربعين والمشي إليها منذ أن استعادت تجددها بنطاق واسع كان تركيز الأنظار من أطراف النخب البشرية ومراكز دراساتهم عليها في:
١-المرحلة الأولى: من جهة تفوق نظمها المليوني وإعجاز إدارتها في تكدس الملايين في مدينة بمساحة ضيقة وتقنية تقليدية بعد مجيئها وإنتشارها في براري شاسعة تصعب سيطرة دول على القيام بأداء وظائفها الخدمية فضلا عن وظائفها الأمنية والإدارية، فإن الدول العظمى يمتنع على قدرتها السيطرة على أهالي مدنها عند إنقطاع التيار الكهربائي لساعات قليلة وترتفع حوادث القتل والإختطاف والإغتصاب والسرقة وإزدحام المرور الى غير ذلك من إحصائيات الحوادث الخطيرة، كما يمتنع على قدرتهم إدارة مهرجان تجمع بشري -لأجل المسابقات أو المناسبات لا يزيد على النصف مليون أو ربما يصل في بعض الحالات الى المليون أو يزيد قليلا-من دون حوادث بإحصائيات لأرقام ترسم إخفاقا كبيرا في الإدارة والسيطرة على التدبير للأمور، مع أن تلك التجمعات تتعاون دول العالم الأول لإدارتها. وهذا يقع كل عام مرات وكرات لأنظمة الدول العالم الأول تقدما، مضافا أن دولهم لا تتكدس شعوبا ملايين فجأة في مدينة واحدة ولا تنتشر فجأة في براري شاسعة ويمتحنون بالقيام بوظائف الدولة تجاههم، وهذه المقارنة بين مجتمع زيارة الأربعين وبين مجتمع الدول الأخرى، ليس حلما ولا خرافة ولا خيال كلام لشاعر ولا إسطورة تروى، بل حس يرصد وعقل يدرك وعلم يحاسب . وههنا تتفوق وتتحدى دولة محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله على دول البشر بقيادة وإدارة إعجازية لا تصل الى شأوها قيادات وحكام البشر.
٢-المرحلة الثانية: التي تركزت أنظار نخب البشر ودراساتهم عليها هو تحول أفراد المجتمع الحسيني في زيارة الأربعين من بشر تتجاذبهم نزعات بشرية الى أفراد مدينة فاضلة تتجاذبهم أخلاق ملائكية، والمدهش للباحثين الدوليين في تقاريرهم أنهم كما قال أحدهم لم يعهدوا مدينة فاضلة تتكون من ملايين وفي إنتشار براري شاسعة ولا متكدسون في مدينة تضيق عن الإتساع لهم، بل كل ماعهدته الكتابات للفلاسفة وعلماء الإجتماع والعلوم الإنسانية هو تخيل وطموح إنشاء مدينة فاضلة تسع بضع مئات آلاف من البشر لا ملايين منتشرين أو متكدسين جغرافيا، فإن تصور الفضيلة متكونة فيهم في هذه الحالات كالممتنع تصورا ولا يخطر على الخيال والوهم فضلا عن البال. وهذا هو الإعجاز الثاني في دولة محمد وآل محمد صلى عليه وآله.
٣-المرحلة الثالثة: التي بدأت أنظار نخب البشر ودراساتهم للعامين الأخيرين تتركز عليها هو كون هذا التجمع الحسيني لزيارة الأربعين أخذ يمتد بأبعاد جغرافيا دولية وشعوب من قارات متعددة ، تنصهر فيه الثقافات والعرقيات والقوميات والهويات و الشعوبيات بتناغم وتناسق وتكامل في ظل منسق و منظم وموائم وملائم توفيقي هي الأصول والمبادئ الحسينية، وهذا تسويق لنموذج نظام دولي سلمي مثالي يقوم على الحب والتآخي الصادق والتكافل والتعاون بل الإيثار والإحسان، وهذا مما يعدم شعلة ونيران العدوات بين أبناء المجتمعات البشرية ويزرع شجرة مباركة من الإنسانية لاشرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيئ.
فالأنظار تتجه الى توسعها الدولي إن من جهة المشاركة للجنسيات المختلفة فيها من أقطار الأرض أو من جهة قيام مثيلات لها لمسيرة المشي للزيارة في بلدان ومدن في العالم تتسم بطابعها وملامح نظمها وأجوائها كمدينة فاضلة مصغرة في الرقعة الجغرافية والزمانية.
فالملفت للنظر أن الزيارة الأربعينية بأجوائها الخاصة وعالمها المتميز بالتكافل والتآخي الحار، هي آخذة في صهر الثقافات المختلفة للشعوب والعرقيات والأقوام، في ثقافة وهوية حسينية نبلية مثالية، لتتجلى دولة محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله كنظام دولي موحد رائد للطموح والتطلع البشري في السلم والأمن والعدل والتسامح والمحبة والسعادة.
٤-وهذا التدرج في الإعجاز القيادي والإداري والتدبيري للمجتمع الحسيني في زيارة الأربعين ينطبق على تدرج وتترتب معالم الدولة المستقبلية لأهل البيت عليهم السلام فدولة سيد الشهداء ع الموعود بها هو أنه يملؤها طيبا وطهرا بينما مشروع دولة المهدي ع يملؤها قسط وعدلا، وملؤها قسطا وعدلا يمهد ويوطئ لملئها طيبا وطهرا، كما أن ملؤها طيبا وطهر يمهد ويوطئ لمشروع أحد دول أمير المؤمنين ع يملؤها صدقا و إيمانا، ثم تتابع دول بقية الائمة ع وبقية دول أمير المؤمنين ع في إنجاز كمالات للبشرية هوية كمال بعد كمال ، حتى توطئ وتمهد لتوصيل البشرية الى أعظم كمال في ظل دولة سيد الأنبياء ص يملؤها إخلاصا وجلالا وإكراما ويكون أمير المؤمنين عليه السلام وزيره والأئمة من بعده كلهم وزراؤه .
٥-وهذا ما يوضح سر وفلسفة عظمة الزيارة لمراقدهم عليهم السلام وشدة التأكيد عليها وأنها هجرة للبشرية مستمرة من مستنقعات الأنظمة الغاشمة المتخلفة البشرية الى كمال النظام السعيد المنشود في ظل إدارتهم وتدبيرهم.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2017