البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٢٨١) وصايا مهدوية

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ محمد باقر الايرواني تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٥ المشاهدات المشاهدات: ٣١٢٢ التعليقات التعليقات: ٠

وصايا مهدوية

الشيخ محمد باقر الإيرواني

عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجن الله بغتةً برجل منا أهل البيت (عليهم السلام)، بأبي ابن خيرة الإماء، لا يعطيهم إلّا السيف، هرجاً هرجاً موضوعاً على عاقته ثمانية أشهر، حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا.
هذا المقطع الذي هو من الاخبارات الغيبية لأمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يوجد في نهج البلاغة، إنّما هو في شرح ابن أبي الحديد وفي البحار ج٥٩ ص١٢١ وعلى أيّة حال فإنّ حال قضية إمامنا، الغائب (عجّل الله فرجه) هي قضية وقعت مورداً لامتحان المسلمين أو لامتحان الناس كافة، فمنهم من أنكرها من الأساس، ومنهم من سلّم بها وحاول أنْ يستفيد منها بشكل أو بآخر، فادّعى الارتباط بالإمام (عجّل الله فرجه)، بوكالة أو غير وكالة، ويذكر الشيخ الطوسي (قدس سره) في كتابه (الغيبة) في بحث الوكلاء المذمومين أنّه كم وكم ادّعوا الارتباط بالإمام (عجّل الله فرجه)، وقد خرجت تواقيع في ذمهم، ويذكر الشيخ الطوسي (قدس سره) مجموعة من الأسماء، وفي الفترة ما قبل الأخيرة ادعى شخص في شيراز يدعى (ميرزا علي محمد رضا الشيرازي) أنّه باب الإمام الحجة، وقد كان له أنصار وأتباع، ومع كل الأسف أنه يحصل مثل هذا بشكل وبآخر، ويحصل لمثل أولئك المدعين أتباع كما حدث لهذا أتباع إلى ما شاء الله، ومن أتباعه المرأة المعروفة بـ (قرة العين)، فإذا قرأ أحد مثل هذه الأخبار فلا يستغرب مما نراه في يومنا هذا.
إنّ قرة العين، وهكذا كان يقال لها، كانت خطيبة بليغة، تدخل كربلاء فيستقبلها فلان وفلان، لقد حدث هذا الأمر قبل ٢٠٠ أو ٣٠٠ سنة، فقد صار لها أتباع، وكانت ابنة أخ (الشيخ محمد تقي الباثقي) وقد قرأت بنفسي خبر هذه المرأة في كتاب آغا بزرك الطهراني (نقباء البشر) في ترجمة هذا الرجل، حيث يقول إن الشيخ محمد تقي كان من علماء كرمنشاه، وإنّ هذه المرأة قد وقفت أمام عمها وجمعت أتباعها، وعند الفجر، وبينما كان الشيخ ذاهباً للصلاة في المسجد، هجموا عليه وقتلوه.
وما أردت أنْ أقوله أنّ المدعو علي محمد الشيرازي لم يكتف بأن يدّعي بأنه باب، بل بدأ يصعّد اللهجة فادّعى النبوة، ووضع له قرآناً، وما اكتفى بذلك بل ادعى الإلوهية، كما يقال.
وعلى أيّة حال فهناك قضايا بشكل وبآخر تمر علينا، وما أردت أن أنبّه عليه مجموعة من القضايا:
- القضية الأولى: هو أن لا نُسرع في التفاعل مع من يدّعي الارتباط بشكل وآخر بمولانا (عجّل الله فرجه)، فإنّ الله (عزَّ وجل) قد أعطانا عقلاً، فالعقل لابدّ أنْ لا يكون جامداً، فهناك الكثير من المدعين، فمثلاً وحين كنت (أنا) في مدينة قم المقدسة، خرج أحد المدعين، وقد ادّعى بعض الادعاءات، فصدّقه بعض الأشخاص رغم ادّعائهم أنهم من العقلاء والفضلاء، وعلى أية حال أن الحكومة هناك قد قبضت على هذا المدّعي وأنهت أمره.
فالأمر الذي أريد أن أنبّه عليه، هو أنه صحيح أننا نحب الحجّة (عجّل الله فرجه) ونحن فداء له، لكن هذا التعاطف لا يكون سبباً لأن نصدّق كلّ الارتباط به (عجّل الله فرجه)، بل لابدّ وأن نعمل على وفق عقولنا، فالله (عزَّ وجل) رزقنا عقلاً، وليس لنا عذر من هذه الناحية.
- القضية الثانية: أنّه قد ذُكرت في الكتب علائم لظهور مولانا (عجّل الله فرجه) فعليك أن لا تسرع في تطبيق هذه العلائم، فتقول هذه العلامة تنطبق على الأمر الفلاني أو الشخص الفلاني، فالسفياني يعني فلاناً، والحسني يعني فلاناً، وتلك الإشارة تعني هذا... لا لا لا.
فهذا ليس بصحيح، والحوزة إذا لم تعطنا في بعض الجوانب شيئاً إلّا أنّها أعطتنا دقّة وعمقاً، فنحن نقول هذه العلائم يحتمل أن يكون هذا مصداقها، ويحتمل أن يكون مصداقها بعد حين.
لقد ورد في الروايات في ذلك الزمن - في زمان الحجة أو في قرب زمانه (عجّل الله فرجه) - أنّ من في المشرق يرى من في المغرب، فماذا يعني هذا؟ وقد يأتي أحد فيقول أن هذه حكاية تنطبق حقاً على الموبايل.
فعلينا أن لا نقول في ذلك حتماً. بل أن نقول أنّه محتمل.
أمّا حتماً فلا تقلها، لأنّه قد تأتي بعد ذلك – مستقبلاً - وسيلة جديدة فتكشف الأمور، ونرى أنها تنطبق أكثر، وما أدرانا!
وهل كنا نصدق هذا الأمر قبل ذلك، وذلك بأن نرى ونحن جالسون هنا، أن نرى الجالس في أمريكا مثلاً أو في مكان آخر، فعليه أن لا نأخذ مثل هذه العلائم ونطبقها بشكل قطعي، إنّما كل شيء محتمل. وهذا هو الأصل الأولي في هذه الأمور، ومثال ذلك كان عندنا أحد المؤمنين الذي اعتقد به وبتقواه، كان يقول أنه قد كتب له كتاباً قال فيه: أنّ الإمام سوف يظهر في مرجعية السيد الخوئي (قدس سره)، وعلى أية حال فهو رجل مقدس وليس له في ذلك قصد، ولكن السيد الخوئي (قدس سره) قد توفي ولم يحصل من الظهور شيء، فلم هذا الجزم، فلا تجزم لتكون هذه طريقتك.
- القضية الثالثة: هو أن لا توقت لزمن ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) أي متى يظهر، كأن تقول أنّه يظهر في العام المقبل، فمن الذي أدراك؟ ومن أعلمك بذلك، إن ذلك أمر غير مستحسن، وإنْ علم ذلك يختص بعلم الله (عزَّ وجل)، فمن الذي قال أنّ الإمام (عجّل الله فرجه) حتماً يظهر في السنة المقبلة، أو يظهر بعد شهر. فيحتمل أنه يظهر غداً، أو بعد سنة أو بعد ١٠٠سنة، وذلك كلّه احتمال، والجزم غير وارد، إذن لا تكن من الوقّاتين والموقتين، فهذا ليس بالصحيح علمياً، وبلا سند علمي، وثانياً لعلنا قلنا أنه يظهر بعد سنة، ثم كانت السنة ولم يظهر، فحينئذ ماذا يقال، يقال أن أهل الحوزة كذابون ولا يعلمون شيئاً، وهذه ضربة سوف تكون للنوع.
- ثمة قضية رابعة: هي أنْ لا تنشغل بعلائم الظهور كثيراً ومتى يظهر الإمام (عجّل الله فرجه)، فهذه الأمور، الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) لم يحضّنا عليها، وما هي هذه العلائم وما المقصود بها.
إنّ هذا الأمر لم يوله الإسلام أهمية، فلا تقض بها وقتاً أو تؤلف بها كتاباً، وأنا استغرب أنّ هناك من يفعل ذلك، وأقول أذهب واشتغل بالدراسة، اشتغل في القضايا العلمية، وهذه يترتب عليها فائدة أعمّ واشمل، ولا بأس أن يبيّن الشخص الذي يريد الكتابة بهذه الأمور بعض الأمور الكليّة، ولكن تعالوا لنلتفت إلى شيء آخر فنقول إنّ مولانا مطّلع على كل أفعالنا، إنه أمر جيد، فأنت تربط الأمّة بالجانب التربوي، وبالجانب العلمي، فلابد وأن نعمل بما يرضيه (عجّل الله فرجه) لا أن نؤلمه بأفعالنا، هذا معنى جميل أيضاً، أما أن نقول إن هذه العلامة مقصود منها هذا الشيء، وأنّ الإمام (عجّل الله فرجه) سوف يظهر بعد سنة، فهذه قضية لا تفكر بها في يوم من الأيام ولا تشتغل بهذه الأمور وابتعد عنها، واشتغل بالجانب التربوي ما أمكنك ذلك، واربط الناس بالإمام الحجة، وبما يربيهم بالشكل الذي أوضحته لك.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016