الدعاوى الباطلة في زمن الغيبة الكبرى/١
المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم(دام ظله)
في معرض إجابته، عن سؤال وجه إليه حول مسألة الدعاوى الباطلة ومدّعيها في زمن الغيبة الكبرى، أجاب سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم(دام ظله).
بسم الله الرحمن الرحيم
كل دعوى لا تستند لدليل لا تقبل من مدّعيها، وإنْ كان الأمر المدّعى حقيراً لا أهمية له، فكيف بمثل هذه الدعاوى العريضة الخطيرة التي قد تكون سبباً لضلال العامة واختلاف كلمتهم وتفريقهم؟ وجواباً على سؤالكم لا بدّ أنْ يعلم:
أولاً: إنّ الأشخاص المذكورين ونحوهم من ذوي المقام الرفيع من أصحاب الحجة عليه السلام وممن يظهر في عصره ممن تشير إليهم الروايات ويراد تقمص شخصياتهم لو كانوا موجودين في عصورنا فهم أعقل وأرزن من أن يعلنوا عن أنفسهم، وأخفى من أن يشار إليهم ويعرفوا، فكل من يدّعي تعيّنهم في أشخاص معروفين إما أن يكون مفترياً دجالاً ضالاً مضللاً منتهكاً لحرمات الله ومستخفاً بأوليائه في سبيل أغراضه الخبيثة، وأما أن يكون ساذجاً ضعيف العقل متعلقاً بالأوهام والخرافات والأحلام والأمنيات من دون أن يستند بالى ركن وثيق.
ثانياً: إنّ مدعي رؤية الحجة عليه السلام وأخذ المعلومات منه ليعلنها للناس مجترئ على الله وعلى أوليائه ومتحد لما أعلنه عليه السلام في توقيعه الذي رواه أصحابنا في كتبهم وأذعنوا له، وهو ما كتبه عليه السلام إلى نائبه الرابع علي بن محمد السمري رحمه الله وهو: (بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك، ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً. وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم). وبعد كل هذا كيف يجرؤ شيعي متديّن أنْ يدعي ذلك؟ اللهم إلا أن يكون قليل الإطلاع ساذجاً تنطلي عليه الحيل والأوهام.
ثالثاً: إنّ الرؤيا ليست من الأدلة ولا الحجج الشرعية، ولا ينبغي لعاقل التعويل عليها، وإنْ صدقت بعض الرؤى فقد كذبت رؤى أكثر منها وأكثر. واقوى شاهد على ما قلناه أنه لم تسمع أمثال هذه الدعاوى الخرافية من أعاظم علمائنا وأكابرهم من ذوي المقام الرفيع في العلم والرشد والتقوى والخوف من الله تعالى والطاعة له والقرب منه. وما انتشرت هذه الدعاوى في هذه الأيام إلا لضعف الحوزة العلمية وقلة الممثلين الصحيحين لها في البلاد. فاللازم على إخواننا المؤمنين -وفقهم الله تعالى- الاهتمام بتركيز الحوزة العلمية والاهتمام بالمنتسبين إليها ممن عرفوا بالعلم والرشد والاتّزان والأمانة والتقوى والخوف من الله تعالى والالتفاف حولهم وتكثير هذه الطبقة فيها وتشجيعهم ليقوموا بدورهم في تصحيح الأفكار وتهذيب المفاهيم الدينية والحفاظ على حقيقتها. ثم الحذر الحذر من هذه الدعاوى الخطيرة التي يستخدم بها الشيطان أولياءه وأعوانه لتشويه الدين والتلبيس على المؤمنين وتشتيت كلمتهم وإلقاء الفتنة بينهم وصرفهم عن منابع المعرفة من أهل العلم الصحيحين المخلصين وليستغلوا بها البسطاء والسذج ممن يتشبث بالأوهام والخرافات وتنطلي عليه الحيل والشبهات ولا يقوى على التمييز بين الحق والباطل والغث والسمين. ونسأله سبحانه وتعالى لنا ولاخواننا المؤمنين التوفيق والتسديد والثبات على الهدى والصلاح وحسن العاقبة. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وهو حسبنا ونعم الوكيل.