الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٧٦١) وظيفة المرأة في التمهيد للظهور المبارك
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٧٦١) وظيفة المرأة في التمهيد للظهور المبارك

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: رضا الله غايتي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢١/٠٦/٠١ المشاهدات المشاهدات: ٣٣١٧ التعليقات التعليقات: ٠

وظيفة المرأة في التمهيد للظهور المبارك

رضا الله غايتي

تشترك المرأة مع الرجل في الكثير من المسؤوليات والتكاليف الدينية؛ وذلك لأنهما خُلقا من نفس واحدة قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء ١]، بالإضافة إلى كونهما في مرتبة واحدة من الناحية الإنسانية عنده (سبحانه)، ولذا فقد ساواهما في الأجر والثواب، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أو أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. [النحل ٩٧]
بيد أن السبل والطرق والكيفيات التي يسلكها كل منهما لتأدية تلك المسؤوليات قد تتباين تبعاً لاختلافهما من الناحيتين: الجسمانية والنفسانية، الأمر الذي انعكس بدوره على بعض الأحكام التكليفية.
ومن بين تلك المسؤوليات الكبيرة هي مسؤولية التمهيد للظهور المبارك، ومسؤولية التمهيد تكليف عام يشمل الجميع ذكوراً وإناثاً ولو كان بأدنى مستوياته والمتمثل بإصلاح النفس والأهل، إلّا أننا نروم في مقالنا هذا بيان مستوى أعلى من ذلك حيث تتجاوز وظيفة الممهدة فيه إصلاح النفس والأهل لتشمل الآخرين أيضاً.
وعليه، فإن كل مؤمنة تطمح إلى رضا الله تعالى وإمام زمانها (عجّل الله فرجه)، وتتوق نفسها لنصرته وتهيأة القاعدة المناصرة له عند الظهور، لابد أن تتعرف على وظيفتها وكيفية القيام بها لأداء مسؤوليتها بأكمل وجه.
وتتألف وظيفة المرأة الممهدة بشكل إجمالي من محورين أساسيين هما:
المحور الأول: بناء الشخصية الممهدة.
ولابد فيه من بناء جانبين:
الأول: الجانب الفكري والمعرفي:
ويشتمل على...
أولاً: معرفة إمام العصر (عجّل الله فرجه)
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) يا فضيل أعرف إمامك فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الأمر أو تأخر ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه قال: وقال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) [معجم أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه) ج٦ ص١٩٧]
وليس المقصود بهذا النوع من المعرفة مجرد معرفة اسمه الكريم وكنيته المباركة وتاريخ ومحل ولادته كما قد يتصور البعض، بل لا بد من معرفة مقامه ولو بأدنى معرفته التي وردت في رواية الإمام الصادق (عليه السلام) في حديثه مع معاوية بن وهب:...وأدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي إلّا درجة النبوة ووارثه، وإن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كل أمر والرد إليه والأخذ بقوله، ويعلم: أن الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم أنا ثم من بعدي موسى ابني ثم من بعده ولده علي وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن... [ميزان الحكمة ج٣٦/٤٠٧]
ثانياً: الثبات على العقيدة الصحيحة وترسيخ الموالاة لأهل البيت (سلام الله عليهم) لا سيما إمام العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
ومما لاشك فيه إن هذا الأمر مطلوب من الموالين أجمع وعلى مختلف الأزمنة والعصور إلّا أنه ورد التأكيد عليه في خصوص عصر الغيبة، لغيبة الإمام من جهة، ولكثرة الفتن والشبهات والتشكيكات التي تطرح من قبل الأعداء والتي قد تجرف بعض ضعيفي الإيمان بسيلها من جهة أخرى.
ولذا وردت روايات محذّرة من هذا الزمان وداعية فيه المؤمنين إلى ترسيخ العقيدة والإيمان، وأخرى موضحة لبعض السبل إلى ذلك.
فأما الأولى، فمنها ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: والذي بعثني بالحق بشيراً ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس ما لله في آل محمد حاجة ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا يشككه فيزيله عن ملتي ويخرجه من ديني. [بحار الأنوار ج٥١، ص٦٨]
وأما الثانية فمنها ما روي عن زرارة بن أعين أنه سأل الصادق (عليه السلام) عن زمان الغيبة حيث قال: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل؟ قال (عليه السلام): يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني. [معجم أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه) ج٤ ص٤١٣]
الثاني: الجانب العملي
ويتلخص في ضرورة قيام المؤمنة الممهدة بجملة من الأعمال التي تصب في صالح مهمتها في إصلاح المجتمع والتمهيد للظهور المبارك.
أولاً: أداء الأحكام التكليفية الشرعية المعروفة من عبادات ومعاملات وأخلاق والتي تكمل مع الجانب الفكري إيمان الفرد المؤمن.
فالإيمان وكما ورد عن الأمير علي بن أبي طالب (عليهما السلام) أنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الإيمان قول باللسان، ومعرفة بالقلب وعمل بالأركان. [بحار الأنوار ج٦٨ ص٦٦]
وعلى من تتصدى لمهمة التمهيد أن لا تكتفي بذلك، وحسب بل وتشمّر عن ساعديها لاكتساب ملكة العدالة أيضاً لتحصن نفسها من اقتراف محرم ما أو ترك واجب ما.
ثانياً: توطيد علاقتها بإمام زمانها (عجل الله فرجه) من خلال التخلق بأخلاقه والعمل على تنقية القلب والمحافظة على طهارته ليسع العاصين علاوة على المؤمنين ويدخلهم في رحمة الله تعالى ويجرهم إلى دينه وذلك بالرأفة والرحمة بهم والنظر إليهم نظرة الطبيب الشفيق على مريضه محاولاً اجتثاث السقم منه بلطف ورفق حتى يتعافى دونما توبيخ أو تجريح.
كما تتوطد العلاقة بصاحب الأمر والزمان (عجل الله فرجه) بكثرة التوسل به عند النوائب، والمواظبة على الدعاء لفرجه، ومعاهدته صباح كل يوم، وندبته صباح كل جمعة، والشعور بحزنه وآلامه عند مناسبات حزن أهل البيت (عليهم السلام)
ثالثاً: العمل على تطوير الذات والسعي إلى النجاح بل والإبداع والتميز قدر الإمكان.
وقد يبدو ذلك غريباً على القارئ الكريم، ولكننا في زمن لا يُستمع فيه إلى من كان فاشلاً في الحياة وإن كان ذا دين وخلق، أو قد يكون تأثيره ضئيلاً فيه، على العكس من الشخص الناجح في حياته المبدع في اختصاصه، فإنه يكون ذا تأثير كبير علاوة على أنه يعطي اطباعاً جيداً مفاده أن: اتّباع الدين والتقيد بأحكامه هما المنطلق بالإنسان نحو النجاح والفلاح ولا يقفان حائلاً دونهما البتة.
وعليه فينبغي على من تحمّل هم التمهيد من خلال إصلاح النساء وجذبهن إلى الدين والشريعة أن تثبت نجاحها وتألقها أولاً لتتمكن من جذب النساء والتأثير فيهن ثانياً، ولتكون أهلاً لأن يُقتدى بها ويُحتذى بسيرتها من قبل الأُخريات فيسلكن سبيلها.
رابعاً: مهمة التمهيد للظهور المبارك كأي مهمة أخرى لابد وأن تشتمل على مصاعب ومتاعب وتكتنفها بعض التحديات وتعترض سبيل من يتصدى إليها بعض العراقيل وقد يُجابه بمختلف التهم والأقاويل.
وعليه فلابد أن تكون الممهدة قوية أمام الشدائد والبلاءات والإغراءات والاغواءات مهما بلغت معاناتها، إسوة بالصديقة الكبرى السيدة الزهراء (عليها السلام) فهي رغم كسر ضلعها، وفقد جنينها، وغصب حق بعلها، وحرق دارها، لم تترك رسالتها وآلت على نفسها أن تضحي بنفسها في سبيل نصرة إمامها لتكون بذلك أول شهيدة في سبيل الولاية.
ويعد كلٌ من هذين الجانبين المتقدمين غاية في الأهمية في تبليغ أي رسالة دينية فضلاً عن التمهيد للظهور المقدس؛ وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذا روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَامَا فَعَلَيْهِ أنْ يَبْدَأ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأدِيبِهِ بِلِسانِهِ، ومُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُها أحَقُّ بِالْإِجْلالِ مِنْ مُعَلِّمِ النّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ. [ميزان الحكمة ج٣ ص٤٠٩]
المحور الثاني: الانطلاق لإصلاح الآخرين
وهو المحور الأبرز على الساحة في التمهيد للظهور المبارك، وهو محور هام جداً تقطف ثماره اليانعة وتحقق أهدافه الرائعة مَن أعدت نفسها الإعداد الجيد الذي تقدم، وأما من تقتحم غماره بصورة عشوائية فقد لا تحقق النتيجة المرجوة.
ولعل هذا أحد أبرز الأسباب التي تُميت الموعظة على شفاه واعظها، فلا تجد لها أثراً سوى الصوت الصادح المتجرد من مقومات التبليغ الفالح، فتُستهلك الأوقات وتُبذل الجهود دون أن يكون للهدف تصويب ناجح.
وهذه مشكلة يعاني منها الوسط التبليغي اليوم وبشدة، فقد أخفتَ الزهد في العُدة وهج الكثرة في العدد، وقد أفشل الكسل في تهذيب النفس المثابرة على تهذيب الآخرين.
ويتضمن المحور الحركي للمرأة المؤمنة الممهدة:
أولاً: تهيأة القاعدة المنتظرة من خلال غرس روح الانتظار العملي لإمام الزمان (عجل الله فرجه) في الأطفال منذ الصغر عن طريق حسن تربيتهم والمثابرة على تنشأتهم نشأة صالحة، لا ليكونوا صالحين وحسب بل ومصلحين أيضاً.
كما يمكنها التأثير فيمن تستطيع التأثير فيهم من الرجال على مختلف مراحلهم في العمر كالزوج والأخ والأب والعم والخال مثلا، وذلك عن طريق الدعوة إلى سبيل الرشاد والصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة وبذا تكون قد ساهمت في التمهيد للظهور المبارك.
ثانياً: نشر علوم أهل البيت (عليهم السلام) وتعليم الأحكام الفقهية والدروس الأخلاقية، وما يميز هذه المهمة ويجعل مجالاتها أكثر وربما المستهدفين بها أوفر هو أن لا موقعية خاصة لها، فيمكن للممهدة أن تمهد وهي في مدرستها أو في جامعتها أو في محل عملها بل ويمكنها ذلك في السوق أيضاً وفي أماكن التنزه والترويح حتى.
وعلى الرغم من أن هذا الواجب في ذاته واجباً كفائياً (أي يجب على جميع النساء المكلفات ولكن إذا قامت به بعضهن سقط عن الجميع وإلا فقد أثِم الجميع) إلّا أنه يتأكد جداً على الممهدة؛ لأنه وظيفتها، فإذا لم تقم هي به فمن عساه أن يتولى ذلك؟
لاسيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن المرأة أكثر تواجداً في المجتمع النسوي وأكثر حرية في تفصيل الأحكام الدقيقة وبصورة واضحة صريحة من الرجل من جهة، كما أننا في زمن قد سادت فيه الفتن وانتشرت فيه الإغراءات وكثرت فيه الشبهات وأصبح بلوغ الحرام متاحاً للجميع، بل وسهلاً يسيراً، في قبال الحلال الذي قد يكون هو الصعب والعسير.
ثالثاً: حث النساء المؤمنات وتحفيزهن على التطور والتقدم علمياً وثقافياً وعملياً، وتسلم الوظائف التي تناسب المرأة وفي مختلف التخصصات؛ لتتسلم هذه الوظائف المهمة والتي تؤثر على المجتمع بصورة مباشرة كالتعليم والتطبيب وغيرها نساءٌ مؤمنات صالحات مصلحات، ولئلا يُفسح المجال في هذه الوظائف لتملأه كل من كانت بعيدة عن الدين، فقيرة إلى الخُلق وبالتالي يؤثرن تأثيراً سلبياً على المجتمع.
رابعاً: الدفاع عن الدين والمذهب من خلال الرد على الشبهات التي ترد عليهما، فالسيدة زينب الحوراء (عليها السلام) لم تكتفِ بعفافها وإخلاصها وصدقها وإيمانها وحسب، بل تصدت للباطل عندما سمعت الطغاة يحرفون الدين، ويلقون العقيدة الفاسدة في عقول المسلمين، ويخفون حقيقتهم البشعة بقناع الحاكم الأمين، فتصدت لهم ودفعت شبهاتهم وذادت عن العقائد الحقة وأوضحتها للحاضرين، وأماطت اللثام عنهم فبدت حقيقتهم المقرفة بمرأى من الناظرين، وفندت أقاويلهم بآيات القرآن المبين، وبينت قرابتها ومن معها من رسول رب العالمين (صلّى الله عليه وآله)، فأحالت مجلس نصرهم المزعوم الذي كانوا يتباهون به إلى مأتم عزاء للإمام الحسين (عليه السلام)، ومحل توضحت فيه مثالبهم وأُثبِتت عليهم بالبراهين الجلية وحاشيتهم، وأدينوا أمام الجمع بجميع جرائمهم، وكذلك يجب على المرأة المؤمنة أن تذود عن دينها وعقيدتها وتدفع الشبهات التي قد ترد عليهما بالسبل الممكنة والمتاحة لها.
خامساً: المساهمة في إعداد الممهدات وحث النساء اللائي تتوفر فيهن القدرة على التوجه بهذا الاتجاه.
فوجود ممهدة ناشطة في كل محل من المحال التي توجد فيها المرأة عامل مهم ويساهم كثيراً في بناء القاعدة المهدوية أفقياً وعمودياً إن صح التعبير.
ويتحقق البناء الأفقي في كثرة عدد المؤمنات الصالحات كما هو واضح، وأما البناء العمودي ففي التنافس الشريف الذي يظهر بين من يتصدين للتمهيد والذي يكون عاملاً مساعداً على التكامل الأسرع والمتواصل بينهن.
وبذلك يمكن تهيئة المؤمنات الواعيات لا بالكم فقط بل وبالنوع أيضاً.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016