البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٣٩٠) الرجعة (٨)

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٩/١٧ المشاهدات المشاهدات: ٣٧٨١ التعليقات التعليقات: ٠

الرجعة (٨)

الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي

وصل بنا الحديث حول حقيقة الرجعة وأبحاثها إلى الفقرة التالية (ما هو نمط المعيشة في عالم الرجعة وما هي طرق الارتباط البشري وحقيقة الحياة المدنية فيه؟).
إنّ الظاهر من جملة من الأخبار التي نقلنا بعضها في الحلقات السابقة أنّ النظام الذي تقع فيه الرجعة هو نفس النظام الذي نعيشه الآن، نعم لابدّ أنْ تكون بعض الخصوصيات التي تلحظ عند الرجعة بالنسبة للنظام حتى تكون هناك حالة من الانسجام مع احتياجات الناس في ذلك الزمان، فلابدّ أنْ نلحظ مجموعة من العناصر، العنصر الأول وهو الروايات التي دلت على أنّ الرجعة تكون في عالم الدنيا، وقد تحدثنا عنها مفصلا وقلنا إنّ ظاهر هذه الروايات يدل على أنّ نظام الرجعة هو نظام الدنيا.
والعنصر الآخر هو أنّ للرجعة خصوصية تمتاز بها عن عالم الدنيا الصرف، إذ أنّ فيها يرجع جملة من الأموات، أولياء كانوا أو غير ذلك، وهذا يقتضي أنْ تلحظ خصوصيتهم بالنسبة لعالم الرجعة.
العنصر الثالث والذي لابد أنّ يلحظ هو الإمكانات الهائلة التي سوف تتاح لمن يعيش في عالم الرجعة، إذ أنّ الروايات دلّت على أنّ هذا العالم هو عالم ظهور المكنونات والمخزونات والأسرار على صعيدها المعرفي والمعنوي والمادي، بل وعلى كل الأصعدة المتصورة وغير المتصورة عندنا الآن، فكل ما كان خافيا ويرتبط بحياة الإنسان من إمكانات سوف يظهر على يد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في عالم الرجعة، فهذا العنصر لابدّ أن يلحظ أيضاً وتعطى له الأهمية عند الحديث عن عالم الرجعة وحياته المدنية، إذن فالنظام في عالم الرجعة بشكل عام هو النظام الدنيوي السابق مع تعديل يقتضيه حال الرجعة، فالنظام الاجتماعي وبناء الأسرة والتزاوج والتوالد ونظام الخدمة وما يكفل عيش الأسرة والفرد من مساكن ومتاجر وطرق ومبان ومدارس وجامعات ومصانع ومطارات وآلات صناعية وزراعية وتجارية وترفيهية وغيرها، كل ذلك لابدّ أنْ يكون متوفراً ومتاحاً بل وفي أعلى مستوياته من الرقي والتطور، لأنّ وجود أهل البيت (عليهم السلام) في ذلك العالم وانفتاحهم على العوالم الأخرى، وتسخيرهم للإمكانات التي أتاحها الله سبحانه وتعالى للعيش البشري الرغيد يقتضي ذلك، وإذا جئت إلى الجانب العلمي والفكري والمعرفي فلابدّ أنْ يكون المجتمع الإنساني في عالم الرجعة في أرقى حالات التواصل وقمّة المدنيّة، حتى ورد في بعض الروايات أن حروف العلم المخزونة تظهر كُلها ويزداد العلم عمّا هو عليه قبل الرجعة من رقي وتطور إلى أضعاف كثيرة، ولكَ أنْ تتصور - أنه في أي فكرة - إنك عندما تصل فيها إلى أعلى نتيجة في زماننا وتريد أنْ تتأمل هذه النتيجة بلحاظ عالم الرجعة فلابدّ أنْ تضيف لها عشرين ضعفاً على أقل تقدير، لترى ما هي النتائج المترتبة على هذه الفكرة، ومثاله الواضح ما نلحظه من تطور في عالم الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو المواصلات أو التواصل، ففكرة تنتشر بلحظة، لابدّ أنْ تلحظ هذه الفكرة عندما ستنتشر بعشرين ضعفاً عمّا هي عليه الآن - على أقل تقدير - فما هي الحالة المدنية التي ستكون آنذاك! ولكن لابدّ أنْ يؤخذ بنظر الاعتبار مع ذلك كلّه أن المنغصات والمعوّقات كثيرة، فاليوم رغم شهادتنا جميعاً بالتطور الملحوظ إلاّ أننا أيضاً نقول إنّ المشاكل في الحياة على اصعدها المختلفة ازدادت عمّا عليه سابقاً، وكأنّ هناك حالة مطّردة كلّما زادت الحياة تطوراً ورقياً زادت تعقيداتها ومشكلاتها، نعم لوجود أهل البيت (عليهم السلام) تأثير كبير في تقليص الجانب السلبي، لكن لا يصل الى حالة الانعدام، لأنّ ذلك أمر مختص بالعالم الأخروي، فاللذة في عالم الدنيا سواء أكانت في الرجعة أو قبلها أمر مفروغ من وجوده، نعم يختلف شدة وضعفاً وكذلك المنغصات والآلام وجودها مفروغ منه، وإنما هي تختلف بالشدة والضعف، ففرض أنْ تكون الرجعة في عالم الدنيا يلازمه وجود حالة من البؤس والألم والشقاء، وإنْ كان ارتفاع حالة اللذة بخصوصيات الرجعة ووجود أهل البيت (عليهم السلام) سيكون الطابع العام على خلاف ما نحن عليه الآن.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016