الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٢١٥) المنجي في الديانات السماوية
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٢١٥) المنجي في الديانات السماوية

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ صالح جوهر تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٤ المشاهدات المشاهدات: ٣١٧٠ التعليقات التعليقات: ٠

المنجي في الديانات السماوية

الشيخ صالح جوهر/ الأستاذ الدمرداش العقالي

إن القرآن الكريم أفرد آيات كثيرة لموضوع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بصفته المخلّص والمنجي للبشرية مما تعانيه من عناء وشقاء وظلم وجور، وجاء فيه أيضاً الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، فكيف يمكن أن نرى شخصية وصفات الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
الروايات المروية عن الفريقين، وكما يقول الباحثون في هذه المسائل أن ما اجتمعت الروايات في مسألة كما اجتمعت في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وقال العلماء أنهم قد جمعوا أربعمائة رواية وحديث في شخص وشخصية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من الجماعة والسنّة، وأكثر من ستة آلاف رواية وحديث اجتمعت في شخصية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عن طريق السنّة والشيعة، وقبل هذا وذاك، نجد أن هذه المسألة (مسألة الإمام ومسألة الانتظار) من المسائل الإنسانية الفطرية، وليست هي دخيلة على أي مجتمع، وإنما بفطرة الإنسان وإنسانيته يلجأ دائما إلى هذه الأفكار، فهي فكرة طبيعية وفطرية للإنسان، يؤمن بهذه النظرية كل من يعيش على الأرض، وأعني فكرة الخلاص، وفكرة العدالة، بحيث أن الإنسان بفطرته يحب الجمال، ويكره البغض والعدوان، ويتجه دائما إلى الجمال، والعدالة من الجمال.
فإذا أتينا إلى سنن ابن ماجة والترمذي وسنن أبي داود وابن عمر الداني ومسانيد أحمد، وصحيح الحاكم والطبراني والكبير والصغير والدار قطني وأبو نعيم في أخبار المهدي، والخطيب في تأريخ بغداد وابن عساكر يتكلمون في هذه الأحاديث والروايات عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حتى ابن خلدون يذكر رواية في مقدمتها يقول: (اعلم ان المشهور في كافة من أهل الإسلام على ممر الاعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت (عليهم السلام)، يؤيد الدين ويظهر العدل ويسمى بالمهدي).
كذلك يذكر ابن حجر العسقلاني أيضاً فيقول: (تواترت هذه الروايات والأخبار بأن المهدي (عليه السلام) من هذه الأمة ويأتي عيسى (عليه السلام) بن مريم وينزل ويصلي خلفه، كما جاء في فتح الباري).
وحتى ابن تيمية يتحدث عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويقول: (فأما المهدي (عليه السلام) الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) كما يقول.
وبمقارنة بين شخصية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أو المخلّص أو المنجي في القرآن وفي الكتب السماوية، نجد أنها تتفق في أن ابن الإنسان الكامل الذي سيأتي في آخر الزمان لكي يملأ الأرض بالخير والهدى والتوفيق هو ترجمة للآية الكريمة، بل هي آيتان في كتاب الله، إذا عطفت إحداهما على الأخرى انبثق منه الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، قوله تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾، وقوله في موضع آخر ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ أي أن الحق (تبارك وتعالى) كما خلق الإنسان الأول في أحسن تقويم من حيث معرفته بالله واحتوائه على العلم اليقين بالله، وهو ما عناه القرآن في تعليم آدم الأسماء كلها، هذه الأسماء كلها التي اختصرت في آدم وبقي أن يكون لها مفعولها في حياة ذريته، ظلت أسماء معطلة المفعول في معظم الآيات، وكان يتم تفعيلها رويداً رويدا، في بعثة كل نبي إلى أمة محدودة في زمان محدود، والزمان المحدود والأمة المحدودة لم تكن تتسع لتجلي كل كمال الإنسان حتى جاء عهد إبراهيم، فإذا بإبراهيم ينتقل بالمنهج الإلهي إلى عمومية وإمامة لم تكن من قبل، في قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، الآية قطعية في ثبوت الإمامة نصاً، واستدامتها مع استبعاد الظالمين، ولقد تشبث إبراهيم (عليه السلام) بهذا الوعد مرة أخرى عندما قال تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ﴾، لسان الصدق في الآخرين هو الذي يجلي منهج إبراهيم (عليه السلام) لآن منهج إبراهيم (عليه السلام) هو جماع منهج الله (عزَّ وجل)، بدلالة آية سورة الشورى وهو يخاطب عبده ورسوله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ أن الدين الذي أكتمل في ملة إبراهيم بحيث أمر رسول الله النبي الأعظم والرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) مع تفضيله أن يكون على ملة إبراهيم (عليه السلام)، ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ هذه الملة منهجها ظل في الأرض يشرق بالتنزيل توراة وإنجيلاً وقرآناً ويتعثر في التطبيق مع الإنسان الذي رد إلى أسفل سافلين، وهذا الانحدار الإنساني لم يتم في جيل واحد، ويظل يتردى حتى تمتلئ الأرض جوراً وعندئذ يأتي وعد الله بأن ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ في إنسان كامل كما قال (إنجيل متى) في موعود، وكما قال (سفر اشعياء) في العبد الصالح الذي هو لسان الصدق كما دعا إبراهيم (عليه السلام).
كل هذه الصفات تعطينا ضرورة نصية وعقلية أن يكون هناك منقذ، هذا المنقذ قد اختلفت التوراة والإنجيل والقرآن بشأنه في فرعيات.
جاء عند بني إسرائيل وهم أصحاب الوعد الأول، فبيّن ان عهدهم انتهى، في (سفر زكريا وسفر ملاخي) أن (النبي زكريا (عليه السلام)) انزعج من عدم وجود العقب لأنه أدرك أن معنى هذا انتهاء استخلاف بني إسرائيل، فدعا دعواه الموصولة بالكتاب المقدس وفي القرآن ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ﴾، وقد أجيب كما هو ثابت في الأسفار، وفي القرآن، (نهبك يحيى سيداً وحصوراً)، والحصور أي لا عقب له، فعلم زكريا أن يحيى مع فضله يشير إلى انتهاء عهد بني إسرائيل، ولما ظهر أن امرأة عمران وكان أصلح بني إسرائيل بعد زكريا، أن امرأة عمران حامل بعد وفاة عمران فرحت امرأة عمران ونذرت ما في بطنها لله، وأخذت تصلي أن يكون هذا الحمل هو المنقذ، فلما وضعتها قالت هذه الأنثى، أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، فهي تفترض أن لها ذرية، أي أن تتزوج وهنا يريد الله أن يعطي علامة قطعية إنه لم يعد في بني إسرائيل وقت ظهور المسيح من يصلح أن يكون أباً لنبي، فيأتي عيسى من غير أب لئلا تنقطع السلسلة التي ترث النبوة والملك، ويتهيأ الكون لاستقبال آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد جاء عيسى (عليه السلام) همزة وصل بين التصديق بالتوراة والبشارة بأحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾، حيث بشر السيد المسيح (عليه السلام) في العشاء الرباني وهو مبسوط في كل إصحاحات الأناجيل الأخيرة، وهو آخر عهده بالأرض، قال للحواريين الاثني عشر، لما سألوه سؤالاً أزعجه هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء، قال: اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، أي سؤال هذا، من صفوة الأمة الحواريين، قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين، ﴿قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾، دعا الله بالمائدة وهم يأكلون واشتد الظلام قال: تعالوا أرشموا أقدامكم حتى يعرفكم الكامل عندما يأتي، قالوا يا معلم ألسنا الكامل؟ قال لا، الكامل الذي يأتي قبل الدينونة والحق الذي تقف نفسي في حضرته إني لا استحق أن أحل سيور حذائه، إشارة إلى الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، لأنه أشار إلى قبل الدينونة بشارته بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تمت في أول عهده، منذ أن كرز في الهيكل قال لهم يا أولاد الأفاعي من دعاكم أن تجعلوا بيت أبي مغارة للصوص، سيأتي الحق يستعلم هذه البشارة بأحمد، أما عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فهو في آخر الكلام قال سيأتي الإنسان الكامل، لأن الإنجيل ذكر في الإصحاحات الأولى بشارته بأحمد الباراقليط فتكرارها في الآخر دون أن يعطف على الأولى دل على إن الذكر لأمر جديد، ولأن المسيح (عليه السلام) مقرون بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، المسيح (عليه السلام) رسالته على الأرض بدأت بخطبة وتنهي بخطبة، الخطبة التي بدأت يقول الحق فيها ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ حياته على الأرض لم تبلغ حد الكهولة زمنا، عندما رفع كان دون الكهولة، ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ وهي إشارة إلى أنه سيخطب في الكهولة ذات خطبته في المهد، وأن آيات سورة النساء تقول بأن المسيح (عليه السلام) سيعود إلى الأرض التي رفع منها بين ذات القوم الذين هموا بصلبه، لقول ربنا تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ اللذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾، أول من يعرف المسيح اليهود، لأنه بالأصل رسولاً إليهم فيعرفونه، فيملكونه، فيتوجونه، وينتظرون أن يخطب، فإذ به يخطب خطبته في القرآن ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا﴾ خلاف كل المسلّمات اليهودية عن مخلّصهم، عندئذ تشرق قلوب كثيرين من اليهود، فتقول الآن حصحص الحق، هم أبناء الأسباط الذين شرحوا مشكلتهم في جريمتهم ضد يوسف بقولهم الآن حصحص الحق قالوا تالله لقد آثرك الله علينا، قال نعم، قالوا إذن نؤمن بك كما تقول، وإنه (عليه السلام) عندما يتحدث وينفي أنه صلب، عندئذ يقول النصارى: إذن أخطأنا في قولنا، وبعد إيمانهم به هو الذي سيعرفهم بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وفي مصادر أهل السنّة أنه هو الذي يعرف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في الحرم فينكب على الإمام (عجّل الله فرجه) مقبلاً يديه وقدميه ويعجب الناس من هذا؟ فيقول المسيح (عليه السلام): هذا الإمام الخاتم من ذرية أحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلننظر بمعيار عملي بحت.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016