الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٧٥٢) العولمة في ظل دولة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه)
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٧٥٢) العولمة في ظل دولة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه)

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ ليث الكربلائي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢١/٠٥/٢٩ المشاهدات المشاهدات: ٣٠٣٠ التعليقات التعليقات: ٠

العولمة في ظل دولة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه)

الشيخ ليث الكربلائي

تعريف العولمة:
لقد شرقوا وغربوا بين موسع ومضيق لدائرة العولمة وفي الواقع أغلب ما قدموه لا يعدو كونه شرح لفظي لا يصل إلى مقام التعريف وأفضل ما يمكن أن يقال عنها في هذا المقام هو أنها عملية تحجيم للعالم وسيادة قانون واحد أو قوانين متقاربة جداً وتتسع لجميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها، وبالتالي تعمل على محو الثقافات والتقاليد والقوانين المتعددة للشعوب وتتجه إلى سيادة ثقافة وتقاليد وقوانين موحدة.
موقف الإسلام منها:
مما يؤسف له أن أغلب الباحثين المسلمين عندما تعاملوا مع هذه الظاهرة لم يميزوا بين العولمة كمشروع مفروض من الخارج تقوده الولايات المتحدة لفرض الثقافة والقانون الغربيين على جميع المجتمعات (غربنة العالم) وأساسه فكرة صراع الحضارات لهنتغتون وهو نوع من الاستعمار وبين التعولم أو العولمة الذاتية التي هي مجرد تكامل ذاتي للثقافات أساسها نظرية حوار الحضارات ولها دوافعها ومكوناتها الذاتية التي تجعلها واقعاً لا يمكن مواجهته لكن يمكن العمل على توجيهه.
ولا شك أنه بناء على مبادئ وثوابت الإسلام، فالعولمة بالمعنى الأول أمر مرفوض وأما التعولم أو قل العولمة الذاتية فليس من شأنها أن تقع محلاً للرفض أو القبول من أصل! لأنها تحمل في طياتها دوافعاً ذاتية كما أسلفت وإنما ينبغي توجيهها ومما يساعد على ذلك أن مبادئ الثقافة الإسلامية رصينة بما فيه الكفاية لأن ندعو إلى عولمة الإسلام ونحرز نتائج مذهلة بناءاً على نظرية حوار الحضارات، ولكن بما أن الباحثين لم يفرقوا بين العولمة والتعولم ترى مواقفهم هشة لا يقدرون على الرفض لأنهم يتصورون أن الدوافع ذاتية ولا يقدرون على التوجيه لأنهم يرون الغرب يملك من العدة والعدد ما لا يملكون.
مشاكل عجزت عنها العولمة:
من أبرز المشاكل التي لم تتمكن العولمة من معالجتها بل ساعدت على تفاقمها في الحضارة الحديثة هي أزمة الأمن العالمي لا سيما تهديدات أسلحة الدمار الشامل التي أرهقت المجتمع الدولي وأزمة البيئة (حرارة الأرض وغلاف فجوة الأوزون) وأزمة فقدان القيم الأخلاقية والانغماس في الإباحية يوماً بعد يوم، والعولمة كمشروع خارجي سبب رئيس في أزمة الحاكمية الوطنية وضياع الهوية.
العولمة في ظل دولة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه).
لا شك أن عولمة الإسلام ستتحقق في يوم من الأيام عندما تنطلق الثورة الفكرية العالمية لإمامنا المهدي (عجّل الله فرجه) كما وعد الله تعالى في كتابه وهو لا يخلف الميعاد: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾، وهذا لا يعني أن نعتزل العمل في ظرفنا الراهن لنعيش أحلاماً وردية عن تلك الدولة الإلهية - فكرة الانتظار السلبي - بل هذه إحدى الآفات التي تقف عائقاً أمام الظهور الشريف كما ورد في الروايات، فيجب أن نقدم كل ما نستطيع تقديمه لتكوين اكبر قاعدة جماهيرية تملك من الثقافة ما يمكنها من الانسجام مع مجريات عصر الظهور.
ميزات عولمة دولة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه):
لهذه العولمة ميزات وخصائص كثيرة تجعل الهوة بينها وبين العولمة التي يتحدث عنها الناس اليوم كبيرة جداً ولعل من أبرزها :
١- يمكن القول أن الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) سيعمل بنظرية حوار الحضارات بخلاف العولمة اليوم فهي قائمة على أساس صراع الحضارات فإن الروايات تشير إلى تقدم علمي هائل في زمن الدولة الإلهية حتى يكاد الذهن لا يصدق بعض فقراته مما يعني أنه (عجّل الله فرجه) سيغزو العالم بالعلم والفكر لا بالنار والحرب كما يتصور البعض، وهذا ما يفسر عدم وجود روايات عن خوض معارك مع بلدان كالهند أو الصين أو روما على الرغم من وجود هذه البلدان وذياع صيتها في زمن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) فالإمام (عجّل الله فرجه) لا يقاتل إلّا من يعتدي على دولته ويشهر السلاح ضده ولا شك أنه (عجّل الله فرجه) سيعمل بقوله تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ وبالتالي سيعمد إلى أن يكون دخول الشعوب في الإسلام عن طريق القناعة الفكرية لا عن طريق الحرب والإكراه كما يصوره بعض الباحثين لذا تنحصر مناطق القتال في الروايات ببلدان ذات نفوذ وهابي ناصبي كبلدان الجزيرة العربية.
٢- عولمة الإسلام تعني عولمة العلم والعقلانية والعدالة والامن والاطمئنان لأجل الاتصال بالمبدأ المطلق (الله تعالى) وتفعيل المبادئ الفطرية والحاكمية الإلهية لعالم الوجود التي تقود إلى كرامة الإنسان ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ أما العولمة الغربية فتهدف إلى عولمة العلمانية أو الليبرالية والنظام الرأسمالي أي أنها تهدف إلى سيادة النظم الغربية الوضعية في كل العالم (غربنة العالم) وتفشي الإلحاد والتمييز الطبقي والاستغلال وهو بالتالي استعمار وغزو لسائر المجتمعات فهذه نتيجة حتمية لمن يبني رؤيته على أساس صراع الحضارات وعليه لا مكان للأمن والاطمئنان ولا للعلم والعدالة في ظل العولمة الغربية وهذا ما نجده جلياً في جميع البلدان الشرقية التي خضعت للغرب أو دخلها الغرب لفترة من الزمن فهذا واقع لا يجرؤ أحد على إنكاره.
٣- أما المشاكل التي لم تتمكن العولمة الغربية من معالجتها بل ساعدت على تفاقمها في الحضارة الحديثة ففي ظل دولة الحجة بن الحسن (عجّل الله فرجه) لا مكان للأزمات، أما أزمة الأمن العالمي فتتلاشى بفضل الروح الفكرية والقيم والمبادئ السامية التي يبثها (عجّل الله فرجه) في كل بقاع العالم، وأما أزمة البيئة فالعلوم التي يأتي بها (عجّل الله فرجه) تفوق إمكانات هذا العصر بملايين المرات كما يشير حديث حروف العلم التسعة وعشرون وفضلاً عن هذا هو (عجّل الله فرجه) يملك الولاية التكوينية التي له من خلالها إحداث أي تغيير كوني تكويني ولا تقتصر معالجاته على الإمكانات الطبيعية كما هي حال مجلس الأمم المتحدة الراعي الرسمي للعولمة الغربية، وأما أزمة التحلل الأخلاقي فيكفي في حلها أنه (عجّل الله فرجه) يعمل على عولمة الإسلام دين الأخلاق والقيم السامية، وأما أزمة الحاكمية الوطنية وضياع الهوية فإنما نتجت من اعتماد القهر والغزو في العولمة الغربية والإمام (عجّل الله فرجه) سيسلك طريقاً آخر وهو اعتماد الفكر والمقولات المطلقة التي اتسم بها الإسلام، فهي لا تتعارض مع الاحتفاظ بالهويات المختلفة ولك مثال على ذلك: إلّا ترى إن الإسلام لم يعمل على طمس الهوية الفارسية مثلاً وإنما أضاف لها هوية أخرى تكون نقطة اجتماع بينها وبين الآخر ألّا وهي هوية الإسلام وقس عليه غيره والله المسدد للصواب.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016